سورة النساء
  
  وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}[البقرة: ٢٧٣] أي يحسب عندهم ما يسد خلتهم لأنهم لم يَسألوا، فهم عند الجاهل أغنياء عن الصدقة، فالفقير له أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف.
  والمعروف: ضد المنكر، وهو الإقتراض بقدر الضرورة، وأجرة ما عمل وليُّ اليتيم بنية الأجرة بقدر عمله، ولا يبعد أن من المعروف الفضلة التي لا تخزن في العادة ولا تنفق للبيع، مثل: فضلة الحقين من اللبن التي تعطى للجيران حيث لا يباع ولا يشترى لو عرض للبيع.
  وقلت في الإقتراض: بقدر الضرورة؛ لأن قدر الضرورة لا إشكال فيه، أما الزائد فإنه ينكر على من لا يظن التمكن من القضاء.
  {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} في وقت ذلك، كما مر ذكره {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} شهيدين ممن ترضون من الشهداء، يشهدان دفْعَ ما دفعتم إليهم حتى إذا جحد يتيمٌ شهدا عليه؛ لأن الوصي ونحوه إذا قال: قد دفعت إليك مالك وجحد اليتيمُ، كان المدعي هو الوصي، والمنكر هو الذي كان يتيماً - وهو صاحب المال - فالبينة على المدعي، وإذا لم تكن له بينة كانت اليمين على المنكر، فإن حلف بطلت دعوى تسليم ماله إليه وحكم عليه لليتيم بماله، فقد أرشد الله الأوصياء ونحوهم إلى الإشهاد لتبين بالشهادة براءةُ ذمتهم، وظاهر الأمر الوجوب.
  قال الشرفي | في (المصابيح): «قال إمامنا المنصور بالله #: دلت الآية الكريمة على وجوب اختبار اليتامى بعد بلوغهم، فإن عرف رشدهم وجب تسليم أموالهم إليهم وإن لم يعرف رشدهم وجب على الولي حفظه،