سورة النساء
  
  الأول: أنهم كانوا يأكلون أموال اليتامى في الجاهلية وكانت عادةً يحمل عليها الحرص وحب المال، ومثل ذلك لا يتركه الحريص إلا بالتأكيد والوعيد.
  الثاني: أن من اليتامى يتامى الشهداء والمؤمنين، وكان ذلك كثيراً في وقت النبي ÷ لكثرة الشهداء والمؤمنين، ولا ينبغي إلا أن تحسن لهم الخلافة في يتاماهم فضلاً عن أن يظلموا.
  الثالث: أن الحرص على المال شديد ثابت في الإنسان كالغريزة كما قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}[الفجر: ٢٠] ومال اليتيم يكون معَرّضاً للأخذ لضعفه عن الدفاع، مع مجاورة ماله لمال قرابته أو مخالطتها في الغالب، أو تزوج أمه بمن يسبب زواجها به لأكل ماله كما قد يسبب لظلم اليتيم باستخدامه بغير فائدة له، أو شغله بالخدمة عن قراءة ما ينفعه من الدروس والقرآن.
  وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} أي أن عاقبة ما يأكلونه أن يكون ناراً في بطونهم إما بنفسه كما في الكنز أو بسببه كما قال الشاعر:
  إن لنا أحمرةً عجافاً ... يأكلن كل ليلة إكافا
  أي ثمن إكاف، ويمكن اجتماع الأمرين فما أتلفه الظالم من كسوة أو غيرها من غير المأكول يكون ناراً في بطنه حقيقة أو بسببه، ولا إشكال أن قوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} مجاز باعتبار الحال العاجلة؛ لأن المراد: أنه إنما سيكون ناراً في الآخرة في بطنه {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ناراً ذات لهب.