التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 378 - الجزء 2

  قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ٩٥ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ


  من يخاف الله ويصبر عن التعدي فيثيبه، وهذا الابتلاء فيما حرم من الصيد مع الإحرام أو صيد الحرم، ولا تعم الصيد كله؛ لأن قوله: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} يفيد بعضاً منه، ولو كان المراد العموم لكفى أن يقول: بالصيد.

  وقوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} أي قريب بحيث {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} إن اصطدتموه، أو لا ينال إلا بالرمح؛ ولعل فائدة هذا التنبيه على عظم البلوى به، حيث أن صيده سهل ينال بالأيدي أو بالرماح لا يحتاج إلى الكلاب ولا إلى السهام، وهذا ليستعد المؤمن بالعزم على الصبر عنه {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} مع أنه عالم من سيخاف، لكن المراد أن يعلم ذلك واقعاً؛ ليثيب عليه لأن الثواب يترتب على وقوعه.

  {فَمَنِ اعْتَدَى} بعد هذا التقديم أو بعد الاختبار بالصيد مع العلم بتحريمه، وفي قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى} دلالة على أن الصيد المحرم يكون اصطياده اعتداء عليه وظلماً؛ لأنه لم يبق للإنسان حق فيه بعد تحريمه، وقوله تعالى: {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وعيد بعذاب الآخرة.

  (٩٥) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} جمع حرام، وهو الْمُحْرِم - بسكون الحاء، وكسر الراء، وضم الميم في أوله - ولا يدخل فيه صيد الحرم لغير المحرم، فتحريم صيد الحرم بدليل ثانٍ؛ لأن داخل الحرم إذا لم يكن محرماً فليس حراماً، وإن صح أن يقال: له محرم أي صائر في الحرم، كما يقال: منجد أو متهم أو معرق، لمن صار إلى نجد أو إلى تهامة أو إلى العراق.