التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 379 - الجزء 2

  


  {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} كما سماه تعدياً في قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى} سماه قتلاً، فلا يكون ذكياً وإن ذبحه، وقوله: {مُتَعَمِّدًا} يخرج الخطأ فهو معفو {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ} يكفي للتخلص من هذا الاعتداء، وعلى قراءة إضافة (جزاء) إلى {مِثْلُ} يكون المعنى: جزاء مثل المقتول، فما وجب في مثله فهو جزاؤه، وعلى ترك الإضافة يكون المعنى: فجزاءٌ يكفيه، وذلك الجزاء هو مثل ما قتله {مِنَ النَّعَمِ} أي المثل من النعم.

  قال في (الصحاح): «والنعم: واحد الأنعام، وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الإسم على الإبل» انتهى، وفي (لسان العرب): «والنَّعم: واحد الأنعام، وهي المال الراعية، قال ابن سيده: النعم الإبل والشاء» انتهى المراد.

  وفي (مفردات الراغب): «النعم خاص بالإبل) ومثله حكى في (لسان العرب) عن ابن الأعرابي، وقال في (اللسان) في قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}: «قال الأزهري: دخل في النعم هاهنا الإبل والبقر والغنم» انتهى.

  وهذا ظاهر كلام الإمام الهادي #، لأنه ذكر ذلك في سياق ما دلت عليه الآية، ونذكر هنا كلامه، قال # في (الأحكام): «قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} والمتعمد لقتل الصيد من المحرمين الذي جعل الله عليه الجزاء فهو الذي يريد قتله متعمداً، يرميه بالسهم أو يطعنه بالرمح أو يضربه بالسيف يريد قتله ويتعمد أخذه، وهو ناس لإحرامه غير ذاكر لما هو داخل فيه من حجة.