التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 380 - الجزء 2

  


  فأما من قتله متعمداً ذاكراً لما هو فيه من إحرامه، فلا بد له من التوبة النصوح إلى الله من ذلك، وهي كبيرة أتاها يجب عليه الخروج إلى الله منها، ويجب عليه معها الجزاء، والجزاء فهو مثل ما يقتل يحكم به عليه ذوا عدل، والعدل: فهو البصير بالحكومة في ذلك، مع الصلاح في الدين والخشية لرب العالمين، فمن كان قتل ما يكون جزاؤه شاة فلم يجد الشاة أطعم عشرة مساكين إن أحب، أو صام عشرة أيام، فإن قتل المحرم بقرة وحش أو نعامة، فعليه في النعامة بدنة يحكم بها ذوا عدل، فإن كره البدنة لثقل مؤنتها وأحب أن يحكم عليه بالإطعام، فإنا نرى أن عليه إطعام مائة مسكين، وإن أحب أن يحكم عليه بالصيام حكم عليه بصيام مائة يوم.

  وهو في الجزاء والصدقة والصيام بالخيار أيهن شاء فعل؛ لأن الله سبحانه قال: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} فقال: أو فجعل بذلك إلى صاحبه الخيار، وكذلك - أيضاً - عدل البقرة من الإطعام إطعام سبعين يوماً» انتهى باختصار، وقد بين معنى التعمد، ومعنى النعم، ومعنى العدلين.

  وأما قوله تعالى: {هَدْيًا} فالهدى ما يهدي إلى الكعبة من النعم و {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} بالغ عند الكعبة في حرمها، قال الشرفي | في (المصابيح): «قال في (البرهان): «وعنى بالكعبة: الحرم، لأنها فيه، ولا يجوز أن يهدي في الجزاء ما لا يجوز في الأضحية من صغار النعم» اهـ.

  قلت: لعله يعني أن معنى بلوغ الكعبة بلوغ حرمها، كما قال تعالى {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}⁣[الحج: ٣٣] والبيت العتيق هو الكعبة البيت الحرام.