التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 382 - الجزء 2

  الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٩٧ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ


  يعيش فيه {وَطَعَامُهُ} ما أخذ من غير اصطياد، وقد جزر عنه البحر فأخذ من مكانه بدون اصطياد، فأما الطافي على الماء ففيه رواية تدل على تحريمه {مَتَاعًا لَكُمْ} أينما كنتم ورزقتم منه {وَلِلسَّيَّارَةِ} قال الراغب: «السير: المضي في الأرض» انتهى، ولعله أعم من السفر، وفي (معلقة امرئ القيس):

  فقلت لها سيري وارخي زمامه

  فهو متاع للسيارة: صيد البحر وطعامه.

  {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} {صَيْدُ الْبَرِّ} حيوان البر الذي يؤخذ بالاحتيال؛ لأنه متوحش لا ينال إلا بالاصطياد، ويدل على أنه اسم للحيوان الذي يصاد قوله تعالى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} وقوله تعالى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ...} الآية، وسمي صيداً؛ لأنه يصاد في العادة.

  {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} فلا تأكلوا شيئاً حرمه عليكم؛ لأنكم {إِلَيْهِ} وحده {تُحْشَرُونَ} {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}⁣[طه: ١٥].

  (٩٧) {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} قواماً للناس وإقامة لحالهم وصلاحاً لهم لما فيها من المنافع الدينية والدنيوية لمن حج، وممن حج أو اعتمر، فالتجارة تحيى، والأسواق تقوم، ومنافع الناس بالتعارف والتلاقي في مواضع الحج والعمرة، كما قال تعالى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}⁣[الحج: ٢٨].