سورة المائدة
  
  {وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} جعله قياماً للناس وهو عام لكل شهر من الأربعة الحرم، لما فيه من نعمة الأمن، وترك الحرب، فيمكن مع الأمن ما لا يتهيأ مع الخوف من السفر وطلب المعاش وسائر الحاجات.
  {وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} جعل ذلك كله قياماً للناس، فبائع الهدي يستفيد الثمن، ومشتريه يستفيد الثواب، والفقراء والملاك ينتفعون بالأكل منه {وَالْقَلائِدَ} إمَّا ما يقلد من الهدي إشعاراً بأنه هدي.
  وتقليده: جعل القلادة في عنقه.
  قال الراغب: «والقلادة: المفتولة التي تجعل في العنق من خيط وفضة وغيرهما، وبها شُبِّه كل ما يتطوق وكل ما يحيط بشيء» انتهى.
  أو القلائد في الآية: قلائد ما يقلد من الأنعام المهداة لله، فإن كان كناية ففائدته الإشارة إلى ما في الهدي المقلد من النعمة التي يفرح بها الفقراء حين يرون القلادة، ويحترم الهدي من رأى القلادة كي لا يتعرض لَه بسوء احتراماً للكعبة، وإن كان المراد القلادة: فهي شعار تحصل به الفائدة المذكورة وهذه النعم المذكورة في الكعبة وهداياها عظيمة وشاملة.
  قال في (الميزان) [ج ٦/ص ١٤٢]: «ولو استقرأ المفكر المتأمل جزئيات ما ينتفع به الناس انتفاعاً جارياً أو ثابتاً من بركات البيت العتيق والشهر الحرام، من صلة الأرحام، ومواصلة الأصدقاء، وإنفاق الفقراء، واسترباح الأسواق، وموادة الأقرباء والأداني، ومعارفة الأجانب والأباعد، وتقارب القلوب، وتطهر الأرواح، واشتداد القوي، واعتضاد الملة، وحياة الدين، وارتفاع أعلام الحق ورايات التوحيد، أصاب بركاتٍ جمَّةً ورأى عجباً» انتهى.