سورة المائدة
  الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٩٨ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ٩٩ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ
  {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لأن تدبير أسباب النعمة التي هيأها لعباده دليل على علمه بأحوالهم وحاجاتهم وما فيه صلاح أمرهم، كدلالة إتقان الصنع على أن الخالق {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لكثرة المصنوعات التي لا نحصيها، وعموم أثر التدبير والإحكام، ففي السماء النيِّراتُ وإحكام سيرها في أفلاكها على نظام لا يغيره طول الزمان، واختلاف الليل والنهار على نظام محكم، وما في الأرض من الدواب والأشجار على اختلاف أنواعها وكثرتها وفوائد ثمار الأشجار، وتدبير خلق الإنسان وتدبير أسباب معيشته وسائر الحيوانات، آياتٌ لا تحصى تدل على سعة علمه تعالى، وإحاطته بكل شيء؛ لأن دليله في كل مخلوق، فكلها دليل على أن الله {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لأنه عالم بذاته لا بعلمٍ مخلوق فيكون محدوداً.
  (٩٨) {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هذا أمر يدل على وجوب العلم، وطريقة النظر المؤدي إلى العلم بصدق الوعد والوعيد، وفائدة العلم بشدة عقابه تعالى: تقواه، وفائدة العلم بأنه {غَفُورٌ رَحِيمٌ}: طلب مغفرته ورحمته بالتوبة والاستغفار، والمحافظة على التقوى، وقد بيَّن القرآن أسباب العقاب، وأسباب المغفرة والرحمة، ولا تعارض بين أسمائه تعالى ولا بين أفعاله، ولا بين أفعاله ولا بين أقواله؛ لأنه عليم حكيم.