التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 388 - الجزء 2

  وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ١٠٣ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا


  قلت: الراجح: أن الضمير في {سَأَلَهَا} يرجع إلى الإجابة المفهومة من {تُبْدَ لَكُمْ} لأن السائل يطلب الإجابة، وهذا هو المناسب لقوله تعالى: {ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} أي كافرين بالإجابة، التي هي إبداء الأشياء المسئول عنها، فـ (الباء) على ظاهرها، إذا قيل: كفر بكذا لم يخرجها إلى السببية، والمعنى: أنهم طلبوها، ثم كفروا بها بعد أن طلبوها، ولو تركوا السؤال ما أنزلها الله فلم يحتاجوا إلى الكفر.

  (١٠٣) {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} قال الإمام الهادي # في (الأحكام) في (كتاب الذبائح): «والبحيرة: التي كانوا جعلوها: فهي الناقة من الإبل كانت إذا ولدت خمسة أبطن فنتجت الخامس سقباً وهو الذكر ذبحوه فأهدوه للذين يقومون على آلهتهم، وإن كانت أنثى استبقوها وغذوها وشرموا أذنها وسموها بحيرة، ثم لا يجوز لهم بعد ذلك أن يدفعوها في دية، ولا يحلبوا لها لبناً، ولا يجزّوا لها وبراً، إلا أن يحلبوا لبنها إن خافوا على ضرعها في البطحاء، وإن جزُّوها جزُّوها في يوم ريح عاصف يذرون وبرها في الرياح، ولا يحملون على ظهرها، ويخلون سبيلها تذهب حيث شاءت، وإن ماتت اشترك في لحمها الرجال والنساء فأكلوه» انتهى.

  قلت: فالبحيرة: هي التي يشقون أذنها، ويجعلون لها هذه الحرمة لأنها أنثى، وكانت البطن الخامس مما نتجت أمها، ونحوه في (لسان العرب) عن ابن عرفة، وقد قال بعضهم: «إذا كان الخامس ذكراً بحروا أذنه أي شقوها وأعفوا ظهره من الركوب والحمل والذبح ...» إلخ.