التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 389 - الجزء 2

  


  قال الإمام الهادي #: «وأما السائبة: فهي من الإبل كان الرجل إذا مرض فشفي أو سافر فأدي أو سأل شيئاً فأعطي سيَّبَ من إبله ما أراد أن يسَيِّبَه شكراً لله، ويسميها سائبةً، ويخليها تذهب حيث شاءت مثل البحيرة، ولا تمنع من كلأ ولا حوض ماء ولا مرعى» انتهى، ومثله في (الكشاف).

  قال الإمام الهادي #: «وأما الوصيلة فهي من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة خمسة أبطن عندهم فكان الخامس جَدْياً ذبحوه، أو جَدْيَين ذبحوهما، وإن ولدت عناقين استحيوهما، فإن ولدت عناقاً وجدياً تركوا الجدي ولم يذبحوه من أجل أخته، وقالوا: قد وصَلَتْه، ولا يجوز ذبحه من أجلها، وأما الأم فمن عُرض الغنم يكون لبنها ولحمها بين الرجال دون النساء، فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها واشتركوا فيها.

  وأما الحام، فهو: الفحل من الإبل كانوا إذا ضرب عشر سنين وضرب ولد ولده في الإبل، قالوا: هذا قد حمَى ظهره فيتركونه لما نتج لهم، ويسمونه حامياً ويخلون سبيله، فلا يمنع أين ما ذهب، ويكون مثل البحيرة والسائبة فلا يجوز في دية، ولا يحمل عليه حمل، فهذه الثلاثة من الأنعام التي حرمت ظهورها» انتهى المراد.

  وقوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} معناه: أنه لا وجود لها في مخلوقاته، فما ادعاه الكفار من إثبات بحيرة أو سائبة أو وصيلة أو حام، فهو كذب لا أصل لَه؛ ولذلك قال تعالى: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} فالتي سموها بحيرة ليست بحيرة؛ لأن (التاء) فيها زيدت، لأنه اسم لها يعبر عن حكمها عندهم، والتي سموها سائبةً ليست سايبة ... وهكذا؛ لأن الكل حلال كسائر