التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 391 - الجزء 2

  اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٠٥ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ


  (١٠٥) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى #: معنى الآية وتفسيرها: لا يضركم ضلال الضالين، ولا تحاسبون بفعل المبطلين، ولا تسألون عن شيء من أعمال المفسدين، وإنما أفعالهم عليهم وضررهم في رقابهم، وقد ذكر أن اليهود قالوا للمسلمين: كيف تطمعون بالنجاة وآباؤكم مشركون ولستم بناجين من فعلهم؟ فأنزل الله هذه الآية، وقال: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام: ١٦٤] فأخبر أنه لا يعذَّب أحد بجرم أحد والداً كان أو ولداً» انتهى.

  وقوله تعالى: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} دليل: على أنه لا يسقط عن المؤمن تكليفه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وغير ذلك، كإقامة الحدود، واجتناب الموالاة؛ لأن ذلك من الهدى الذي شرعه الله في القرآن، فمن ترك ما أمر الله به فلم يهتدِ.

  وأما قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} فإنما هو إغراء لحفظ النفس من أسباب الهلكة، وليس معناه: لا تبالوا بضلال غيركم، ولا تأمروا بمعروف، ولا تنهوا عن منكر.

  {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ} أنتم ومن ضل ترجعون مجتمعين للسؤال والجزاء {فَيُنَبِّئُكُمْ} فيخبركم {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} لأنه لم يخفَ عليه شيء من أعمالكم وهو يحاسبكم ويجزيكم.