التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المائدة

صفحة 392 - الجزء 2

  ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ١٠٦ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ


  (١٠٦) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} هي الشهادة التي تؤدى بين المؤمنين عند الحاجة، والمراد هنا: تحملها، بدليل قوله تعالى: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} وتحملها {حِينَ الْوَصِيَّةِ} وهي الشهادة على ما أوصى به الميت فلا بد من استشهاد اثنين {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} العدل ضد الجور فهما ملتزمان بالعدل مجتنبان للجور {مِنْكُمْ} أي من الذين آمنوا.

  {أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} فلا يكفي شاهدان من غير الذين آمنوا، إلا في حال الضرورة الملجئة إلى استشهاد شهيدين من غير الذين آمنوا، وذلك إذا ضربنا في الأرض وخرجنا من بلاد الإسلام ولم نجد إلا من غير الذين آمنوا لتضيق الحادثة بحضور الموت، وظاهره: الإطلاق، بل هو ظاهر في الكفار الذين يؤدي إليهم الضرب في الأرض، حيث كان الإسلام لم ينتشر في الأرض، وكان الضرب في الأرض مظنة الخروج من بلاد الإسلام.

  {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} عند أداء الشهادة، راجع إلى أول الكلام فهو في العدلين من الذين آمنوا، وإنما قوله تعالى: {أَوْ آَخَرَانِ} إلى الموت شبه المعترض بين الكلامين.