إعلام الأعلام بأدلة الأحكام،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

قصة إسماعيل # وأمه وحفر زمزم

صفحة 203 - الجزء 1

  المضمونة، فانتبه فزعاً مذعوراً وهو يقول: وما المضمونة؟ ثم نهض فصار إلى منزله، ثم أرسل إلى وجوه قريش فدعاهم وقص عليهم ما رآه، فقالوا له: إن كان هذا الهاتف أتاك بحق فإنه عائدٌ إليك، وإن يك غيره فهو غير عائدٍ إليك.

  فلما كان من غد أقبل عبدالمطلب إلى موضعه ذلك الذي كان فيه بالأمس وهو يقول: يا إله إبراهيم أسألك أن تبيّن لي ماهذا الحفر الذي أمرت به في منامي، ورقد فإذا هو بذلك الهاتف بعينه في منامه وهو يقول: يا عبدالمطلب، قم فاحفر زمزم وجد تسلم، ولا تدخرها للمقْسَم، قال عبدالمطلب: وما زمزم؟ قال: خبية الشيخ الأعظم، تراث أبيك الأقدم، شفاء سقم، وطعام مطعم، لاتنزف ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، فاحفرها ولاتندم، فهي بين الفرث والدم، في مبعث الغراب الأعصم، أنت أعظم العرب قدراً، ومنك يخرج نبيها ووليها، والأسباط، والنجباء، والعلماء، والبصراء، والحكماء، البير لك، والسيوف لهم، وليسوا اليوم منك ولا لك، ولكن في القرن الثاني منك، ينير الله بهم الأرض ويخرج الشياطين من أقطارها، ويذلها بعد عزها ويملكها بعد قوتها، ويذل الأوثان، ويقتل عبّادها حيث كانوا، ثم يبقى بعده نسل من نسلك، هوأخوه، ووزيره، ودونه في السن، وقد كان العائب على الأوثان لا يعصيه، ولا يكتمه شيئاً ومشاوره في كل أمر.

  فقال عبدالمطلب: وأين موضعه يعني الحفر؟ فقيل له: عند قرية النمل، مستقبلة الأنصاب الحمر، حيث ينقر الغراب غداً، ثم أنشأ الهاتف يقول:

  قم إلى الماء الرّوي غير الكدر ... فإنه ماء حياء ودرر

  له ينابيع عيون تنفجر ... تسقي حجيج الله في كل صبر

  ليس يخاف منه شيء ما غبر