الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين
  أحدها: أن تكون القدرة والعلم والحياة كل واحد أمثال ذات الباري - تعالى -.
  والثاني: أن يكون الله - تعالى - مثل هذه المعاني.
  والثالث: يجب أن تكون هذه المعاني كل واحدة بصفة الأخرى.
  والرابع: أن تكون ذات القديم - تعالى - بصفة جميع هذه المعاني فيؤدي إلى أن تكون ذات القديم - تعالى - قدرة وعلماً وحياة.
  والخامس: أن يكون كل واحد من هذه المعاني إلهاً.
  وإذا كان الله - تعالى - بصفة جميع هذه المعاني فيجب أن يستغني عن هذه المعاني، فإذاً يجب أن تُنفى عنه جميع هذه المعاني أصلاً.
  فإن قيل: ولِمَ قلتم إن القِدم من صفات الذات؟
  قلنا: لأن القدم لو كان بالفاعل فلا بد أن يكون الفاعل متقدماً عليه، والقديم لا يتقدمه أحد، وما يكون بالفاعل فلا يكون قديماً، ولا يجوز أن يكون قديم لمعنى قديم؛ لأن ذلك المعنى يجب أن يحتاج إلى معنى آخر في قدمه فيؤدي إلى ما لا نهاية له، وما لا نهاية له فهو محال، فما يؤدي إليه يجب أن يكون محالاً.
  دليل آخر: يقال لهم كونه - تعالى - قادراً واجب أم جائز؟
  فإن قالوا: واجب.
  قلنا: ما يكون واجباً لا يحتاج إلى معنى وفاعل ومؤثر؛ ككونه - تعالى - موجوداً لما كان واجباً فلا يحتاج إلى موجد ومؤثر.
  دليل آخر: لو كان الله - تعالى - عالماً بعلم وعلمه يتعلق بالشيء على الوجه الذي يتعلق به علمنا في الوقت الواحد وجب أن يكون علمه مثل علمنا؛ لأن العلمين إذا تعلَّقا بمعلوم واحد في الوقت الواحد على الوجه الواحد كانا مثلين،