باب في خلق الأفعال
  كالصورة، واللون، والحياة، والموت، والذكر، والأنثى، وإضافتها إلى العبد كإضافة الحركة إلى الشجرة.
  والقول الثاني: الكلابية والنجارية: هي خلق الله - تعالى - كسب للعبد.
  والقول الثالث: قول أهل العدل من الزيدية والمعتزلة: هي فعل العبد ليست بخلق الله - تعالى -، وإن كانت آلة القدرة مخلوقة لله - تعالى -.
  والكلام في هذه المسألة يكون في موضعين:
  أحدهما: أن فعل العبد ليس بخلق لله - تعالى -.
  والثاني: الكلام في الكسب(١).
  أما الأول: فالدليل على أن أفعال العباد فعلهم: أن وجودها موقوف على حسب قصودهم ودواعيهم، وانتفائها بحسب كراهتهم وصوارفهم، حتى إذا أرادوا وجودها وقصدوها تحصل، وإذا كرهوا وجودها ولم يقصدوها لم تحصل، فلو كانت فعلاً لله - تعالى - لم يقف وجودها على اختيارهم وقصدهم، وانتفاؤها على كراهتهم وصوارفهم كسائر ما خلقه الله - تعالى - في العبيد من الطول، والعرض، والقصر، واللون، والصحة، والمرض والحياة، والموت، ولأن في أفعال العباد الكفر وقتل النفس بغير الحق والزنا وسائر القبائح، فلو كانت خلقاً لله - تعالى - لكانت لا تخلو من أن تحسن منه أو تقبح، وفي كلتا الحالتين كان يجوز أن يخلقها وكان يجب الرضا بخلقها، وإذا جاز أن يخلق الظلم وسائر القبائح كان يجوز أن يظهر المعجز على الكذابين، وفي تجويز ذلك خروج عن الدين؛ لأن الله - تعالى - أمر العباد بالطاعة ووعد عليها الثواب، ونهاهم عن المعصية وأوعد عليها بالعقاب، فلو كانت أفعالهم خلقاً لله - تعالى - لما صح الأمر والنهي، والمدح والذم، والوعد والوعيد، والثواب والعقاب.
(١) لم يرد الكلام عنه.