الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب الشفاعة النبوية

صفحة 170 - الجزء 1

  درجة عظيمة بقبول شفاعته.

  فأما أهل الكبائر الذين يستحقون العقاب، فلا شفاعة لهم؛ لقول الله - تعالى -: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}⁣(⁣١)، وقال - تعالى - أيضاً: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}⁣(⁣٢)، وقال أيضاً: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩}⁣(⁣٣)، وقال - تعالى -: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٢٧٠}⁣(⁣٤).

  فأما الخبر الذي يروى عن النبي ÷: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»⁣(⁣٥)، إن صح⁣(⁣٦) فالمراد به إذا تابوا، وقد عورض بأخبار كثيرة أيضاً مثل قوله ÷: «لا يدخل الجنة قتات»⁣(⁣٧)، يعني النَّمام، وقال ÷: «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن سم نفسه سم، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً»⁣(⁣٨)، وآيات الوعيد بخلاف ذلك.


(١) سورة غافر: ١٨.

(٢) سورة الأنبياء: ٢٨.

(٣) سورة الزمر: ١٩.

(٤) سورة البقرة: ٢٧٠.

(٥) سنن ابن ماجه ج ٢ ص ١٤٤١، مسند أحمد بن حنبل ج ٢٠ ص ٤٣٩، سنن الترمذي ج ٤ ص ٦٢٥.

(٦) روي عن الحسن البصري بهذا اللفظ: «لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي» تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ص ٤١٩.

(٧) صحيح البخاري ج ٨ ص ١٧، مسند أحمد بن حنبل ج ٣٨ ص ٢٨٣، السنن الكبرى للنسائي ج ١٠ ص ٣١٠.

(٨) جامع معمر بن راشد ج ١٠ ص ٤٦٣، مسند أحمد بن حنبل ج ١٢ ص ٤١٦، مسند البزار ج ١٦ ص ١٠٤.