الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب الشفاعة النبوية

صفحة 169 - الجزء 1

  المنزلتين، وأنه فارق الفريقين، لا يقال إنه كافر؛ لأنه لا تجري عليه أحكام الكافر، ولا يقال أيضاً إنه مؤمن؛ لأن أحكام المؤمنين لا تجري عليه؛ فلذلك قلنا له منزلة بين المنزلتين.

  وهذه الأسماء شرعية ليست بلغوية؛ لأن الكفر في لغة العرب: هو التغطية، والمؤمن: هو المصدق في اللغة، ولهذا لا يقال لليهودي مؤمن على الإطلاق، وإنما يقال مؤمن بموسى #، والله - تعالى - ذكر المؤمن حيث ذكره على سبيل المدح والتعظيم قال - تعالى -: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ٢٢٣}⁣(⁣١) وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١}⁣(⁣٢)، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣(⁣٣)، وإذا كان الفاسق لا يستحق التعظيم فلا يقال أنه مؤمن، ولذلك ما أجرى أمير المؤمنين # والصحابة والتابعين عليهم أحكام الكفار، ولكن الله - تعالى - أمر بحدود الفساق، فلو كانت الكبيرة كفراً لكان حكمهم حكم المرتدين ولوجب قتلهم، فإذا لم يكن حدّهم القتل علمنا أنهم ليسوا بكافرين.

باب الشفاعة النبوية

  شفاعة الرسول ÷ يوم القيامة ثابتة وحق للمؤمنين والتائبين، ولهم في ذلك زيادة ثواب ودرجة، وللنبي ÷


(١) سورة البقرة: ٢٢٣.

(٢) سورة المؤمنون: ١.

(٣) سورة الأنفال: ٢ - ٤.