باب في التوبة
  إن كان عليه حج، وغير ذلك من حقوق الله - تعالى -، ويقضيها كما أمره الشرع، وإن كان له خصم من الآدميين وعليه حق لآدميين يجب عليه أن يرضي خصمه، ويؤدي حقه من أي جنس كان، من المال والقصاص وغير ذلك، وإن آذى إنساناً أو سبّه أو آلمه اعتذر إليه حتى يبرئه، فإذا أرضى خصومه على هذا الوجه قبلت توبته وسقط عنه العقاب، ولهذه الجملة تفاصيل يطول ذكرها، وفي هذا القدر كفاية هاهنا.
  وإذا تاب بشرائطها، يجب(١) على الله قبولها، وإن لم يمكن تلافي جميع ذلك بنفسه يجتهد حتى يؤدي إلى المخلوقين حقوقهم من الأموال، وما لا يمكنه تلافيه بنفسه يوصي إلى وصي مسلم أمين يؤدي إلى كل خصم إن كان له مال، وإن لم يكن له مال عزم أنه إن وجد المال يؤدي حقهم، وإن مات صاحبها يؤدي إلى ورثته، وإن لم يكن له وارث صرف إلى المساكين، وإن كان الحق من جنس الاعتذار إذا مات الخصم سقط عنه، وإن كان حياً واعتذر إليه ولم يقبل العذر سقط أيضاً، وأما ما كان من الحقوق المالية فيجب أن يؤدى وإن كان في مكان بعيد.
  وإن تاب مراراً ثم عاد إلى الذنب فإذا تاب توبة نصوحاً في آخرها قبلت توبته، وإن تاب لم يعد ثواب طاعته الذي أحبطه، وكذلك إن عاد إلى المعصية لا يعود عقابه الذي أحبطه بالتوبة.
  والزكاة، والكفارات، والنذور أيضاً من حقوق الأموال، يجب أداؤها إلى أهلها بنفسه إن أمكن، وإن لم يمكن يوصي بأدائها إلى أهلها، اللهم وفقنا بتوبة، وتوفنا تائبين، وصل على محمد وآله.
(١) أوجبه على نفسه كما في القرآن والسنة.