الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في الإمامة

صفحة 180 - الجزء 1

  قال قوم: الإمامة تجب عقلاً، ولا يجوز أن يخلو الزمان من إمام، ولا يجوز التكليف بغير الإمام، وهو مذهب الإمامية.

  وقال قوم: لا تجب عقلاً، ويجوز التكليف بغير إمام، ويجوز أن يخلو الزمان من الإمام، ولكن يجب بالشرع، وفيه ألطاف، ويجب لتنفيذ أحكام شرعية لا لتعليم الشرع، وهذا مذهب الزيدية - كثرهم الله - تعالى - والعدلية.

  وقال قوم: لا تجب الإمامة عقلاً وشرعاً، ويجوز أن يكون الإمام، ويجوز أن لا يكون.

  والدليل على أن الإمامة لا تجب عقلاً: أن التكليف له ثلاثة شروط لا بد منها، ولا يصح التكليف بدونها:

  [الأول]: كالقدرة والآلة، وإزاحة العلّة.

  والثاني: بيان ما يجب على المكلف.

  والثالث: الألطاف.

  وليس الإمام في شيء من ذلك.

  واللطف على ضربين:

  لطف عام: لا يخلو المكلف منه، كمعرفة الله - تعالى -.

  ولطف خاص: كالصلاة، والصيام، وأمثال ذلك.

  ولا دليل على أن الإمام لطف عام، فينبغي أن لا تجب عقلاً، ولأن الإمام أيضاً مكلف ولا يحتاج إلى إمام آخر؛ لأن حال المكلفين سواء في الطاعة والمعصية، مع وجود الإمام وعدمه، فسواء وجوده وعدمه، فصح أن الإمام ليس من الألطاف التي لا يجب التكليف إلا بها.

  والدليل على أن الإمامة تجب شرعاً: أن الصحابة فزعوا إلى إقامة إمام حالاً