التنبيه الخامس في اكتساب وجه التشبيه
  ذات ولد» ومن هذا قوله ÷ في مثال المؤمن حامل القرآن، كمثل الأترجة، ومثال المنافق الذي لا يحمل القرآن كمثل الحنظلة، وسائر تلك الأحاديث أسلفناها تمثيلا للمفرد بالمفرد، وهي هاهنا صالحة للتمثيل المركب بالمركب في شيئين بشيئين، فإن كان بالإضافة إلى الموصوف مع صفته، فهو من باب المركب بالمركب، والأمر فيه قريب، ومن الشعر قول امرئ القيس:
  كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالي
  وقول بشار:
  كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
  وثانيها تشبيه ثلاثة بثلاثة وهذا كقول بعضهم:
  ليل وبدر وغصن ... شعر ووجه وقد
  خمر ودر وورد ... ريق وثغر وخد
  فهذا عددناه من التشبيه، وإن لم تظهر فيه الأداة، لأنه في معنى التشبيه، وإن كانت أداته مضمرة، لأن ظهورها يكون مقدرا.
  وثالثها تشبيه أربعة بأربعة وهذا كقول امرئ القيس:
  له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
  وكقول أبى نواس:
  تبكى فتذرى الدر من نرجس ... وتمسح الورد بعناب
  فشبه الدمع بالدر، والعين بالنرجس، لما فيه من اجتماع السواد والبياض، وشبه الوجه بالورد، وشبه الأنامل بالعناب، فهذه تشبيهات أربعة كما أشرنا إليه وكما قال بعضهم:
  فزحزحت شفقا غشّى سنا قمر ... وساقطت لؤلؤا من خاتم عطر
  فشبه الخمار بالشفق، لحمرته، وشبه الوجه بالقمر، وشبه ثناياها باللؤلؤ، وشبه فمها بالخاتم.
  ورابعها تشبيه خمسة بخمسة وهذا كقول الوأواء الدمشقي:
  فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد
  فجميع ما أوردناه في هذا الضرب إنما هو في تشبيه المركب بالمركب.