القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
  إذا ما ظمئت إلى ريقها ... جعلت المدامة عنها بديلا
  وأين المدامة من ريقها ... ولكن أعلّل قلبا عليلا
  فنبه بقوله: «وأين المدامة من ريقها» على قول قائل: هل تكون المدامة بدلا عن ريقها، فاستدرك عند ذلك بقوله: «ولكن أعلل قلبا عليلا».
  ومما هو منسحب في أذيال التنبيه «التتميم» وهو أن تأخذ في بيان معنى فيقع في نفسك أن السامع لم يتصوره على حد حقيقته وإيضاح معناه فتعود إليه مؤكدا له فيندرج تحت ما ذكرناه من خاصة التنبيه، وهذا كقول ابن الرومي(١):
  آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم
  منها معالم للهدى ومصباح ... تجلو الدّجى والأخريات رجوم
  فقوله «نجوم» ورد غير مشروح، لأنه لا يفهم منه ما ذكره من التفصيل في البيت الآخر، فلهذا كان مبهما، فلما شرح تقاسيم النجوم في البيت الثاني جاء متمما له ومكملا لمعناه فلا جرم كان معنى التتميم فيه حاصلا، وكان فيه التنبيه على ما ذكرناه، فلهذا أوردناه على أثر التنبيه لما كان قريبا منه وملتصقا به فكان أحق بالإيراد على أثره وبالله التوفيق.
الصنف الثالث التوشيع
  ويقال له التوسيع، فأما التوشيع بالشين المثلثة الفوقانية، فاشتقاقه من توشيع الشجرة وهو تفريع أصلها، وأما التوسيع بالسين المهملة فاشتقاقه من قولهم وسع في حفر البئر إذا فسح فيه، ومنه فسح في المجلس، إذا وسعه لمن يجلس فيه، وهو في مصطلح علماء البيان عبارة عن أن يأتي المتكلم بمثنى يفسره بمعطوف ومعطوف عليه، وذلك من أجل أن التثنية أصلها العطف، فيوسع الاسم المثنى بما يدل على معناه ويرشد إليه على جهة العطف، ومثاله قوله # يكبر ابن آدم ويشب معه خصلتان، الحرص وطول الأمل، وقوله # خصلتان لا يجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق، ومنه قول ابن الرومي يمدح عبد الله بن سليمان بن وهب:
  إذا أبو قاسم جادت لنا يده ... لم يحمد الأجودان البحر والمطر
  وإن أضاءت لنا أنوار غرّته ... تضاءل النّيران الشمس والقمر
(١) البيتان في المصباح ص ٢٠٩.