القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
الضرب الثاني في مقابلة الشئ بضده من جهة معناه دون لفظه
  ومثاله قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً}[الأنعام: ١٢٥] فقوله يهدى ويضل من باب الطباق اللفظي، وقوله يشرح صدره مع قوله يجعل صدره ضيقا حرجا من الطباق المعنوي، لأن المعنى بقوله يشرح يوسعه بالإيمان ويفسحه بالنور حتى يطابق قوله ضيقا حرجا وهكذا قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ٧ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ٨ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ٩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ١٠}[الليل: ٥ - ١٠] فقوله كذب وصدق، وقوله اليسرى والعسرى من باب الطباق اللفظي، وقوله أعطى مع قوله بخل، فإنما هو من الطباق المعنوي، لأن المعنى في أعطى، كرم، ليطابق «بخل» في معناه دون لفظه، ومن ذلك ما قاله البحتري(١):
  يقيض لي من حيث لا أعلم النّوى ... ويسرى إلىّ الشوق من حيث أعلم
  فقوله: لا أعلم مطابق لقوله «أعلم» من جهة معناه، لأن معناه من حيث أجهل، ومن التقابل في الأضداد من جهة المعنى قول أبى تمام(٢):
  مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخطّ إلا أن تلك ذوابل
  فأحد الإشارتين للحاضر، وهو قوله «هاتا» وأحدهما للغائب وهو قوله «تلك» فالضدية حاصلة فيهما من جهة معناهما، ومن ذلك ما قاله المقنّع الكندي من أبيات الحماسة:
  لهم جلّ مالي إن تتابع لي غنى ... وإن قلّ مالي لم أكلفهم رفدا
  فهذا من الطباق المعنوي، لأن قوله: إن تتابع لي غنى، معناه إن كثر مالي، وعلى هذا يناقض قوله «قلّ مالي».
الضرب الثالث في مقابلة الشئ بما يخالفه من غير مضادة
  وذلك يأتي على وجهين،
الوجه الأول منهما أن يكون أحدهما مخالفا للآخر، خلا أن بينهما مناسبة،
(١) انظر البيت في المصباح ص ١٩١، والإيضاح ص ٣٠٢.
(٢) انظر البيت في المصباح ص ١٧٢، والإيضاح ص ٣٠٢.