القسم الثاني ما يتعلق بالمجاز على الخصوص
  الماضي، وهما باطلان، لأنها لو وقعت في هذين الزمانين لا متنع تعليقها بالشرط، لأن الشرط لا يمكن تعليقه بالماضي، والحال. فبطل كونها إخبارا في هذين الزمانين، ومحال أن تكون إخبارا في الأزمنة المستقبلة، لأن قول المطلّق لامرأته أنت طالق، ليس بأقوى في تصريحه بالزمن المستقبل، من قوله ستصيرين طالقا في المستقبل، ولو صرّح بالتطليق في المستقبل، لم تكن طالقا، فهكذا ما هو أضعف في الدلالة على المستقبل، وهو قوله أنت طالق أولى ألّا يقتضى وقوع الطلاق، فبطل كونه دالا على الاستقبال. وأما ثانيا: فلأنها لو كانت موضوعة للإخبار، لكان لا يخلو حالها، إما أن تكون كاذبة، أو صادقة، فإن كانت كاذبة فلا عبرة بها، ولا التفات إليها في تحصيل مقصودها، وإن كانت صادقة فهو باطل أيضا، لأن قولنا أنت طالق، إذا كان خبرا فلا بدّ من أن يسبق مخبره ليكون مطابقا له، فيكون صدقا، فكان يلزم على هذا أن يكون الطلاق واقعا قبل حصول قولنا أنت طالق، وهذا محال، فظهر بمجموع ما ذكرناه هاهنا أن الطلاق إنما يكون واقعا بقوله أنت طالق لا غير، وهذا هو فائدة الإنشاء وثمرته، ويؤيّد ما ذكرناه أنه للإنشاء قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١] وهذا أمر بالتطليق، فيجب أن يكون قادرا عليه، ومدوره لا ينصرف إلّا إلى قوله: طلّقت، وفي هذا دلالة على كونه مؤثرا في الطلاق، وهو المقصود، فهذا ما أردنا ذكره من قسم الحقيقة وما يختص بها.
القسم الثاني ما يتعلق بالمجاز على الخصوص
  المجاز مفعل واشتقاقه إما من الجواز الذي هو التعدي في قولهم: «جزت موضع كذا» إذا تعدّيته، أو من الجواز الذي هو نقيض الوجوب، والامتناع، وهو في التحقيق راجع إلى الأول، لأن الذي لا يكون واجبا ولا ممتنعا يكون مترددا بين الوجود والعدم، فكأنه ينتقل من الوجود إلى العدم، أو من العدم إلى الوجود، فاللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصليّ، شبيه بالمتنقّل، فلا جرم سمى مجازا، فإذا تمهدت هذه القاعدة فالمقصود من المجاز يتحصل بذكر مسائل.
المسألة الأولى في ذكر حقيقة [المجاز] وبيان حده
  وقد أكثر العلماء فيه الخوض، وأحسن ما قيل فيه: ما أفاد معنى غير مصطلح عليه في الوضع الذي وقع فيه التخاطب لعلاقة بين الأول والثاني. ولنفسّر هذه القيود، فقولنا: