القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
الوجه الأول أن يكون الإبهام واقعا في أحد ركنى الإسناد،
  فيكون بيانه بالركن الآخر ومثاله قول بعض الشعراء:
  ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
  يحكى أفاعيله في كلّ نائبة ... الغيث والليث والصمصامة الذّكر(١)
  فالإبهام إنما وقع في قوله ثلاثة تشرق الدنيا، وهو واقع في موضع المبتدأ وبيانه إنما وقع بركنه الثاني وهو خبر المبتدأ، وهكذا قوله «يحكى أفاعيله» فإن الإبهام واقع فيه، وقد فسره بقوله الغيث والليث والصمصامة الذكر، فهذه الأمور كلها فاعلة لقوله يحكى أفاعيله، فلأجل هذا قضينا فيها بأن الركن الثاني وهو الفاعل يفسر الركن الأول، وهو قوله يحكى أفاعيله، فلأجل ملازمة أحد الركنين لصاحبه لا جرم جاز أن يكون أحدهما مفسرا للآخر كما أشرنا إليه،
الوجه الثاني أن يأتي على خلاف الأول،
  وهو أن يكون الثاني مفسرا للأول بالصفة، وهذا كقول الفرزدق يمدح أقواما:
  لقد جئت قوما لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملا ثقل مغرم
  لألفيت منهم معطيا أو مطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوّم(٢)
  فلما عدّد تلك الأمور الثلاثة المجحفة بالإنسان الطّرد والثّقل والإعدام على من رواه «معدم» فأما من رواه بالراء وهو الصحيح فهما أمران، الطرد وحمل الثقل الذي يغرم لأجله عقّبه بأمرين كل واحد منهما موضح لما قاله على جهة المقابلة بما يصلح له فقابل الطّرد بالطعان حوله حتى يستنصر من حقه، وقابل قوله حمل ثقل المعدم، بقوله معطبا ليجبر فقره فهكذا حال التفسير يأتي على هذين الوجهين وما أشبههما، فإذا حصل على الصفة التي يكون فيها بيان لما سبقه فهو تفسير، وإن اختلفت فيه الأمثلة.
الصنف الخامس عشر في المبالغة
  وهي مصدر من قولك بالغت في الشئ مبالغة إذا بلغت أقصى الغرض منه، وفي مصطلح علماء البيان هي أن تثبت للشيء وصفا من الأوصاف تقصد فيه الزيادة على غيره، إما على جهة الإمكان، أو التعذر، أو الاستحالة. فقوله أن تثبت للشيء وصفا عن الأوصاف عام يندرج فيه ما فيه مبالغة، وما ليس فيه مبالغة، وقوله تقصد فيه الزيادة على
(١) البيتان لمحمد بن وهيب الحميري، وانظر المصباح ص ٢٠٨.
(٢) انظر المصباح ص ٢٠٩، ص ٢١٠.