الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،

صفحة 78 - الجزء 3

الصنف العشرون في التفريق والجمع والتقسيم

  هذه الأمور الثلاثة من عوارض البلاغة، وإذا وقعت في الكلام بلغ مبلغا عظيما في حسن التأليف وإعطاء الفصاحة حقها، وحاصله ضروب ثلاثة.

الضرب الأول التفريق المفرد

  وهو تفعيل من قولك فرقت الدراهم إذا أعطيتها عددا عددا، وهو في لسان علماء البلاغة أن تعمد إلى نوعين يندرجان تحت جنس واحد فتوقع بينهما تباينا في المدح أو الذم أو غيرهما، ومثاله قول بعض الشعراء:

  ما نوال الغمام يوم ربيع ... كنوال الأمير يوم سخاء

  فنوال الأمير بدرة عين ... ونوال الغمام قطرة ماء⁣(⁣١)

  فالنوالان مفترقان كما ترى، لكنهما يندرجان جميعا تحت اسم النوال والعطاء، ثم هما يفترقان كما ذكر في العلو والدّنو، ففرق بينهما كما ترى.

الضرب الثاني: الجمع المفرد

  وهو أن تجمع بين شيئين فصاعدا مختلفين في حكم واحد، وهذا كقوله تعالى: {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا}⁣[الكهف: ٤٦] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها}⁣[البينة: ٦] وكقول الشاعر:

  إنّ الشباب والفراغ والجده ... مفسدة للمرء أىّ مفسدة⁣(⁣٢)

  وقوله:

  وأحوالي وصدغك واللّيالى ... ظلام في ظلام في ظلام

  فكل ما ترى من باب الجمع، لأنه جمعها وأخبر عنها بحكم واحد.

الضرب الثالث الجمع مركبا مع غيره وليس مفردا،

  وهو يأتي على وجهين

  أولهما الجمع مع التفريق،

  وهو أن يشبه بشئ واحد ثم يفرّق بينهما في وجه الشبه، ومثاله قول بعض الشعراء:


(١) انظر المصباح ص ٢٤٧.

(٢) انظر المصباح ص ٢٤٧.