وخامسها «المستوى»

  وهو الذي من أوله وآخره على جهة الاستواء، وهو قليل نادر صعب المسلك، وعر المرتقى لا يكاد يأتي به إلا من أفلق في البلاغة، وتقدم في الفصاحة، وقد يأتي في النثر والنظم، فمما جاء في كتاب الله تعالى قوله: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ٣٣}⁣[الأنبياء: ٣٣] وقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣}⁣[المدثر: ٣] ومنه قول بعضهم مودتي لعلى تدوم، وقال آخر دام على العماد، وفي الحريريات قوله: من يرب إذا بر ينم، وقوله سكت كل من نم لك تكس، وقوله كبر رجاء أجر ربك، ومن الشعر قوله⁣^(⁣١):

  أس أرملا إذا عرا ... وارع إذا المرء أسا

  أسند أخا نباهة ... ابن إخاء دنّسا

  اسل جناب غاشم ... مشاغب إن جلسا

  أسر إذا هبّ مرا ... وارم به إذا رسا

  اسكن تقوّ فعسى ... يسعف وقت نكسا

  وأعجب الحسن في هذه الأمور أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني، فعند هذا تروق وتحسن، فأما إذا جاءت على العكس من هذا نزل قدره ولم يكن معجبا كل الإعجاب

الصنف السابع: التسميط

  اعلم أن من الناس من يعد هذا النوع من أنواع التسجيع، والحق ما قاله الخليل بن أحمد ¦: إنّه مخالف لأنواع السجع، وهو أن يؤتى بالبيت من الشعر على أربعة مقاطع، فثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابعة إلى أن تنقضى القصيدة على هذه الصفة، واشتقاقه من قولهم: عقد مسمط إذا روعى فيه هذه الحال، ومن أمثلته قول جنوب الهذلية:

  وحرب وردت وثغر سددت ... وعلج شددت عليه الحبالا

  ومال حويت وخيل حميت ... وضيف قريب يخاف الوكلا

  وكقول امرئ القيس يصف رجلا قتله⁣^(⁣٢):

  ومستلئم كشّفت بالرّمح ذيله ... أقمت بعضب ذي سفاسق ميله

  فجعت به في ملتقى الحىّ خيله ... تركت عتاق الطير تحجل حوله

(١) الأبيات للحريرى في مقاماته، مقامة ١٦، وانظر المصباح ص ٢٠٢.

(٢) الأبيات في الديوان ص ١٥٢، ص ١٥٣.