القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
الصنف الثامن عشر التدبيج
  ومعناه أن تذكر في الكلام ألوانا من الأصباغ تدل على المدح والذم، واشتقاقه من الديباج، وهو نوع من الحرير وله في البلاغة موقع عظيم وهو يكسب الكلام بلاغة ويزيده حلاوة، ويرد على وجهين:
الوجه الأول: أن يكون واردا في المدح،
  وهذا كقول أبى تمام(١):
  تردّى ثياب الموت حمرا فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
  يعنى أنه لبس ثياب الدنيا وهي حمر من الدماء في الجهاد ثم استشهد بعد ذلك فما أتى الليل إلا وقد خرجت روحه من الدنيا وفارق الحياة وصار إلى الجنة لابسا ثياب السندس من عبقري الجنان، فكنى عن حال القتال بالثياب الحمر، وكنى عن دخول الجنة بالثياب الخضر، ففيه من الحسن ما فيه، ومن ذلك ما قاله بعض الشعراء يمدح أقواما بالكرم وشرف الخصال:
  إن ترد علم حالهم عن يقين ... فالقهم يوم نائل أو نزال
  تلق بيض الوجوه سود مثار ... النّقع خضر الأكناف حمر النّصال(٢)
الوجه الثاني: أن يكون واردا في الذم،
  ومثاله ما قاله بعض الشعراء:
  وأحببت من حبّها الباخلين ... حتى ومقت ابن سلم سعيدا
  إذا سيل عرفا كسا وجهه ... ثيابا من اللّؤم بيضا وسودا
  ومما شاكل ذلك ما ورد في الحريريات: «فمذ أزور المحبوب الأصفر، واغبر العيش الأخضر اسود يومى الأبيض، وابيض فودى الأسود، حتى رثى لنا العدو الأزرق، فحبذا الموت الأحمر».
  وله أصل في البلاغة راسخ، وفرع في الفصاحة باسق شامخ.
(١) البيت في المصباح ص ١٩٥.
(٢) البيتان لابن حيوس، وهو أبو الفتيان محمد بن سلطان والبيتان في المصباح ص ١٩٥.