الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،

صفحة 51 - الجزء 3

  وإن نضا حدّه أو سلّ عزمته ... تأخّر الماضيان السيف والقدر

  من لم يبت حذرا من سطو سطوته ... لم يدر ما المزعجان الخوف والحذر

  ينال بالظنّ ما يعيا العيان به ... والشّاهدان عليه العين والأثر

  كأنه وزمام الدهر في يده ... يدرى عواقب ما يأتي وما يذر⁣(⁣١)

  وأحسن منه نظما وأرق جلدة وأدق فهما ما قال بعض المتأخرين:

  يا من له الأطيبان المجد والكرم ... ومن له الماضيان السيف والقلم

  ومن خلائقه كالروض ضاحكة ... فطبّعه الأحسنان الجود والشّيم

  أنت الجواد وأنت البدر لا كذب ... يمحى بك الأسودان الظلم والظلم

  هناك ربّك ما أولاك من نعم ... لا مسّك المؤذيان السقم والألم

  وعادك الشهر أعواما مكرّرة ... ما عظّم الأشرفان البيت والحرم

  فهذه الأبيات من أعجب ما يأتي في أمثلة التوشيع، وهي من أرق الشعر وأمدحه، وأدخله في حسن الانتظام وأفصحه.

الصنف الرابع التطريز

  وهو تفعيل من طرزت الثوب إذا أتيت فيه بنقوش مختلفة، واشتقاقه من الطراز، وهو فارسي معرب، وهو في مصطلح علماء البيان مقول على ما يكون صدر الكلام والشعر مشتملا على ثلاثة أسماء مختلفة المعاني ثم يؤتى بالعجز فتكرر فيه الثلاثة بلفظ واحد، ومن أمثلته ما قاله بعضهم:

  وتسقيني وتشرب من رحيق ... خليق أن يلقّب بالخلوق

  كأنّ الكأس في يدها وفيها ... عقيق في عقيق في عقيق⁣(⁣٢)

  وأراد بالثلاثة يدها، والكأس، والخمر، وكلها محمرة فكرر لفظة العقيق إشارة إلى ما ذكرناه، قال ابن الرومي يذم بنى خاقان:

  أمور من بنى خاقان عندي ... عجاب في عجاب في عجاب

  قرون في رؤوس في وجوه ... صلاب في صلاب في صلاب⁣(⁣٣)


(١) الأبيات في المصباح ص ١٧٣.

(٢) البيتان لأبى هلال العسكري في ديوانه ص ١٧٤، والمصباح ص ١٧٤.

(٣) البيتان في المصباح ص ١٧٥.