الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،

صفحة 31 - الجزء 3

  فقوله: لها منها عليها، من قبيح السبك وسوء التأليف، وما ذاك إلا لأجل تكرر أحرف المعاني فأكسبته هذا الثقل الذي تعافه النفوس، وهكذا ورد في قوله أيضا وإن كان بالضرب الأول أشبه:

  وقلقلت بالهمّ الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيش كلّهنّ قلاقل⁣(⁣١)

  فالقاف وإن كانت من أنصع حروف العربية وأثبتها جرسا وأصفاها في النطق وأوضحها مخرجا، خلا أنها لما تكررت كانت بمنزلة مشى البغل يتقدم وهو يخطو إلى الوراء، ومن ذلك ما ورد في شعر أبى تمام قوله⁣(⁣٢):

  كأنه في اجتماع الرّوح فيه له ... في كل جارحة من جسمه روح

  فقوله: فيه له في كل، من الردئ المستثقل، وليس ذلك إلا من أجل تكرر حروف المعاني.

الضرب الثالث في بيان المعاظلة بالصيغ المفردة من غير الأدوات

  وهذا نحو توارد الصيغ المتماثلة من الأوامر الفعلية، وهو في ذلك على وجهين، أحدهما: أن ترد مجردة عن العطف، ومثاله قول أبى الطيب المتنبي⁣(⁣٣):

  أقل أنل أقطع احمل علّ سلّ أعد ... زد هشّ بشّ تفضّل أدن سرّ صل

  فهذه الألفاظ جاءت على صيغة واحدة وهي مثال الأمر، كأنه قال افعل افعل وهكذا إلى آخر البيت، فما هذا حاله فتكرير للصيغة، وإن لم يكن تكريرا لحروف المعاني، وفيها ما ترى من الثقل على المسموع من أجل تكريرها على هذا الوجه، وقد تضمن سياقها تركيبا وتداخلا مكروها، وثانيهما: أن يرد مع واو العطف، ومثاله ما يحكى عن عبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن قال:

  أحل وامرر وضرّ وانفع ولن وأخ ... شن ورش وأمر وانتدب للمعالى


(١) ديوان المتنبي ٢/ ٧٨.

(٢) انظر الديوان ص ٧٣.

(٣) انظر التبيان للعكبرى ٢/ ٧٩.