القسم الثاني في بيان الشواهد المنظومة
  ومن مليح التشبيه وغريبه ما قاله بعضهم:
  والبدر في الأفق الغربى متسق ... والغيم يكسوه جلبابا ويسلبه
  كوجه محبوبة يبدو لعاشقها ... فإن بدا لهما واش تنقّبه
  ومن أعجب ما ينشد في التشبيه قول البحتري:
  دان على أيدي العفاة وشاسع ... عن كل ند في الندى وضريب
  كالبدر أفرط في العلو وضوءه ... للعصبة السارين جد قريب
  وأغرب من هذا وأعجب قول البحتري أيضا:
  دنوت تواضعا وعلوت قدرا ... فشأناك انحدار وارتفاع
  كذاك الشمس تبعد أن تسامى ... ويدنو الضوء منها والشعاع
  ومن رقيق التشبيه وأغربه ما قاله ابن المعتز في الهلال:
  ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر
  وأرق منه ما قاله ابن المعتز أيضا في الخضرة مع السواد:
  حتى إذا حر آب جاش مرجله ... بفائر من هجير الشمس مستعر
  ظلت عناقيده يخرجن من ورق ... كما احتبى الذيخ في خضر من الأزر
  ومن جيد التشبيه وغريبه ما قاله العباس بن الأحنف:
  أحرم منكم بما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا
  صرت كأني ذبالة نصبت ... تضئ للناس وهي تحترق
الضرب الثالث: فيما يتعلق بالكناية، ومن ذلك قول البحتري:
  أو ما رأيت المجد ألقى رحله ... في آل طلحة ثم لم يتحول(١)
  ومن أرق ما قيل في الكناية قول حسان:
  بنى المجد بيتا فاستقرت عماده ... علينا فأعيى الناس أن يتحولا
  ومن بديعها قول زياد الأعجم:
  إن السماحة والمروءة والندى ... في قبة ضربت على ابن الحشرج(٢)
  ومثله ما قاله بعضهم:
(١) في ديوانه ص ١٠٥ بشرح شاهين عطية، والإشارات للجرجاني ص ٢٤٨، والمفتاح ٤١١.
(٢) المصباح ص ١٥٢، والإيضاح ٤٦٢.