القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
الضرب الثاني ما كان ممكن الوقوع لكنه ممتنع وقوعه في العادة وهو الإغراق
  ثم هو على وجهين الوجه الأول منهما وهو أعجبهما وأدخلهما في العقول وصحة الإصغاء إليه، وهو كل ما يقترن به كاد، ولو، ولولا، وحرف التشبيه وهو «كأن» فمتى اقترنت به أحد هذه الأمور ازداد حسنه وظهر إعجابه وهذا كقول امرئ القيس:
  من القاصرات الطّرف لو دبّ محول ... من النّمل فوق الإتب منها لأثّرا(١)
  أراد وصفها في رقتها ونعومة جسمها بما ذكره، فلفظة «لو» قد قرّبت الدعوى وجعلتها بحيث يمكن السامع سماعها، ومن ذلك ما قاله المتنبي:
  كفى بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتى إيّاك لم ترني(٢)
  ومن ذلك ما قاله الفرزدق يمدح به زين العابدين علىّ بن الحسين #:
  يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم(٣)
  فهذه الكلمات أعنى كاد، ولو، ولولا، قد أكسبته جمالا، وزادته رقة وكمالا، والوجه الثاني أن يأتي مجردا مما ذكرناه، وهذا يرد كثيرا كقول ابن المعتز:
  ملك تراه احتبى بنجاده ... غمر الجماجم والصفوف قيام(٤)
  فوصفه بطول قامته على هذه الحالة، ومن ذلك ما قاله امرؤ القيس في وصف النار:
  تنوّرتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال(٥)
  فإنه وإن امتنع من جهة العادة إدراك نار من مثل هذه المسافة لكنه ممكن عقلا، إذ لا يمتنع خلو هذه المسافة عن كل حائل من جبل وغيره فيمكن إدراكها، فما كان يمتنع عادة مع كونه ممكنا عقلا فهو الإغراق كما قررناه.
الضرب الثالث ما كان ممتنعا وقوعه وهو الغلو
  ويكاد المفلقون في الشعر يستعملونه في مدحهم وهجوهم، ثم هو على وجهين،
(١) البيت في الإيضاح ص ٢٢٥.
(٢) البيت في ديوان ج ١، ص ٤٩.
(٣) انظر ديوان الفرزدق ج ٢ ص ١٨٠.
(٤) البيت في المصباح ص ٢٢٦.
(٥) انظر المصباح ص ٢٢٦.