الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

البحث الرابع في أحكام الاستعارة

صفحة 214 - الجزء 1

  أو ما رأيت المجد ألقى رحله ... في آل طلحة ثم لم يتحول

  ومن هذا قول أبى تمام:

  أبين فما يزرن سوى كريم ... وحسبك أن يزرن أبا سعيد

  وقول الآخر:

  متى تخلو تميم من كريم ... ومسلمة بن عمرو من تميم

  ومن الكناية قول بعضهم: يصف امرأة بالعفة:

  يبيت بمنجاة من اللوم بيتها ... إذا ما بيوت للملامة حلت

  ومن غريب الكناية وبديعها ما قيل في أبيات الحماسة:

  أبت الروادف والثدي لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا

  وإذا الرياح مع العشى تناوحت ... نبهن حاسدة وهجن غيورا

  فكنى عن كبر الأعجاز، ونهود الثدي، بارتفاع القميص عن أن يمس بطنا أو ظهرا، وهذا من عجيب الكناية وغريبها. ومن هذا ما قاله بعض الشعراء:

  بعيدة مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها وإما عبد شمس وهاشم

  ومن هذا النوع ما قاله بعض المغاربة:

  رشا يرنو بنرجسة ويعطو ... بسوسان ويبسم عن أقاح

  يشير إلى قرطاه وتصغى ... خلاخله إلى نغم الوشاح

  ومن غريب الكناية قول بعضهم في أيام الأسبوع:

  سبع رواحل ما ينخن من الونى ... سنم تساق بسبعة زهر

  متواصلات لا الدءوب يملها ... باق تعاقبها على الدهر

  ومن لطيفها قول بعضهم في حجر المحك:

  ومدرع من صبغة الليل برده ... يفوق طورا بالنضار ويطلس

  إذا سألوه عن عويصين أشكلا ... أجاب بما أعيا الورى وهو أخرس

  ولنقتصر على هذا القدر من التنبيه على معاني الكناية، وقد نجز غرضنا من الفصل الثالث الذي جعلناه بيانا للأمثلة وحصرها، فأما ما كان من التلويح، والرمز، والإشارة، فكلها مندرجة تحت ما ذكرناه من حقيقة التعريض لاتفاقها في الدلالة على مقصود واحد فلا جرم أغنى ذلك عن إفرادها بالذكر، وبالله التوفيق.