القسم الأول ما يتعلق بالحقيقة على الخصوص
  من إخراج الحقيقة الشرعية، والعرفية، عن كونها حقائق، وأنها دالّة على غير موضوعها الأصلىّ، فيلزم خروجها عن كونها حقائق وهو باطل، لا يقال، فلعلّ ابن الأثير، إنما أراد الحقائق اللغوية، دون الحقائق الشرعية، والعرفية، وإنما أراد الحقائق الموضوعة لغة، كلفظ الأسد فإنه حقيقة في البهيمة، مجاز في الرجل الشجاع، فلا يعاب عليه ما قاله، لأنا نقول هذا فاسد، فإن الماهيّة من حقها أن تدرج تحتها جميع الصور المفردة فلا يخرج عنها شيء، وإلّا بطل كونها ماهية، فالحد إن لم يكن شاملا بطل كونه حدّا. ولو قيل في حد الحقيقة: ما أفاد معنى مصطلحا عليه في الوضع الذي وقع فيه التخاطب، مما له فيه مدخل، فسائر القيود قد تقدم تفسيرها إلا قولنا «ممّا له فيه مدخل» فالغرض الاحتراز عن أسماء الأعلام، فإنها قد أفادت معنى مصطلحا عليه في وضع التخاطب، لا يقال لها بأنها حقائق ولا توصف بذلك، لما كانت معانيها لا مدخل لها في الحقائق، والمجازات، كما سنوضحه فعرفت بما ذكرناه أنه لا بدّ من هذا القيد، ليخرج عمّا ذكرناه.
المسألة الثانية في ذكر أنواع الحقيقة،
  وجملتها ثلاثة أنواع:
النوع الأول في بيان [الحقائق اللغوية]
  وهذا نحو قولنا: السماء، والأرض، والإنسان، والفرس وما أشبهها ويدلّ على كونها حقائق في وضعها أمران أما أولا: فلأنها قد دلّت على معان مصطلح عليها في تلك المواضعة، وهذا هو فائدة الحقيقة ومعناها، وأما ثانيا: فلأنها قد استعملت في الأوضاع اللغوية، فليس يخلو حالها بعد ذلك، إمّا أن تستعمل في معناها الأصلي، أو في غيره فإن كان الأوّل، فهي الحقيقة لا محالة، وإن كان استعمالها في غيره، فهي مجاز، والمجاز لا بدّ من أن يكون مسبوقا بالحقيقة، وإلا لم يعقل كونه مجازا، فإذن، لا بدّ من الإقرار بالحقيقة، وقد تمّ غرضنا.
النوع الثاني في بيان [الحقائق العرفية]
  ونريد باللفظة العرفيّة، أنها التي نقلت من مسمّاها اللغوىّ إلى غيره بعرف الاستعمال، ثم ذلك العرف، قد يكون عامّا، وقد يكون خاصّا، فهذان مجريان نذكر ما يختص كل واحد منهما بمشيئة الله تعالى.