القسم الثاني ما يتعلق بالمجاز على الخصوص
  من جهة أن اليد آلة في الفعل، والفعل لا يمكن حصوله إلا بواسطة القدرة، فلأجل هذا تجوّزوا في تسمية اليد بالقدرة.
  ورابعها: [تسمية الشئ باسم قائله]،
  حيث قالوا: سال الوادي، والحقيقة سال ماء الوادي فإسناد السّيلان إلى الوادي من باب المجاز المركب، وتسمية الماء بالوادي من باب المجاز المفرد لما كان الوادي قابلا له.
  وخامسها: [تسمية الشئ باسم ما يكون ملابسا له]
  كما سمّوا المطر بالسماء، فقالوا جادتنا السماء، لما كان المطر نازلا منها.
  وسادسها: [إطلاقهم الاسم أخذا له من غيره، لاشتراكهما في معنى من معانيه]،
  كما أطلقوا لفظ الأسد على الشجاع باعتبار الشجاعة، وكما أطلقوا الحمار على البليد، لأجل البلادة، وهذا هو الذي يقال إنه من باب الاستعارة.
  وسابعها: [تسمية الشئ باسم ضدّه]،
  كقوله تعالى {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}[الشورى: ٤٠] و {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤] وقوله تعالى: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل: ١٢٦] فيمكن أن يقال إن وجه المجاز هاهنا، تسمية الشئ باسم ضدّه، وإذا جاز إطلاق اللفظة الواحدة على الضدّين في لسانهم، كإطلاق الحنيف على المعوجّ، والمستقيم، والسّدفة على الضوء، والظلام، جاز إطلاق السيئة على جزائها كما يطلق عليها نفسها، ويمكن أن يقال: إن هذا من باب التشبيه في المجاز، لأن جزاء السيئة، يشبهها في كونها سيئة، بالنسبة إلى من وصل إليه ذلك الجزاء.
  وثامنها: [تسمية الكل باسم الجزء]
  كإطلاق لفظ العموم، مع أن المراد منه الخصوص، كقوله تعالى {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٢٠}[المائدة: ١٢٠] فقد خرج من هذا كثير من الموجودات التي لا يقدر عليها، فالعموم صار مجازا في الخصوص.
  وتاسعها: [تسمية الجزء باسم الكلّ]
  كما يقال للزنجى: إنه أسود، فقد اندرج بياض أسنانه، وبياض عينيه، في هذا الإطلاق، وتسمية اسم الكل باسم الجزء أولى من عكسه لأن الجزء لازم للكلّ، والكلّ لا يلازم الجزء. فذلك كان أحقّ لأجل الملازمة.
  وعاشرها: [إطلاق اللفظ المشتق بعد زوال المشتقّ منه]،
  كإطلاق قولنا: قاتل وضارب، بعد فراغه من القتل والضرب، فإنّ إطلاقه على جهة الحقيقة في الحال، فأمّا بعد ذلك فهو مجاز.