الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

الباب الرابع من فن المقاصد في ذكر أنواع علم البديع وبيان أقسامه

صفحة 111 - الجزء 3

  إن يكن صبر ذي الرّزيئة فضلا ... تكن الأفضل الأعزّ الأجلّا

  أنت يا فوق أن تعزّى عن الأ ... حباب فوق الذي يعزّيك عقلا

  وبألفاظك اهتدى فإذا عزّا ... ك قال الذي له قلت قبلا⁣(⁣١)

  فالبيت الآخر من هذه المقطوعة هو الذي وقع به المسخ، فانظر إلى ما بينهما من التفاوت في الرقة واللطافة والجودة والرشاقة.

  الوجه الثاني: عكس هذا وهو أن ينقل من صورة قبيحة إلى صورة حسنة، وهو معدود في السرقات، وإن كان بعضهم لا يعده منها وهذا كقول المتنبي:

  لو كان ما يعطيهم من قبل أن ... يعطيهم لم يعرفوا التأميلا⁣(⁣٢)

  وقد أخذه ابن نباتة السعدي فأجاد فيه كل الإجادة قال:

  لم يبق جودك لي شيئا أؤمّله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل⁣(⁣٣)

  فانظر كيف أخذه عباءة وزجاجة، ثم رده ياقوتة وديباجة، فبينهما بعد متفاوت ودرجات متباينة، ومن ذلك ما قاله أبو نواس يذكر لعب الخيل بالصولجان من أرجوزة له يصف ذلك:

  جنّ على جنّ وإن كانوا بشر ... كأنما خيطوا عليها بالإبر

  أخذه المتنبي فأذاقه حلاوة، وأكسبه رونقا وطلاوة، قال:

  فكأنما نتجت قياما تحتهم ... وكأنهم ولدوا على صهواتها⁣(⁣٤)

  فقاتله الله، لقد تباهى في الإعجاب، وأتى بما يدهش العقول، ويسحر الألباب، ومن ذلك ما قاله أبو الطيب أيضا وقد أنشدناه من قبل هذا:

  إني على شغفى بما في حرها ... لأعفّ عمّا في سراويلاتها⁣(⁣٥)

  أخذه الشريف الرضى فأحسن فيه كل الإحسان قال فيه:

  أحنّ إلى ما يضمن الخمر والحلى ... وأصدف عمّا في ضمان المآزر


(١) انظر ديوانه ج ٢ ص ١٥٩.

(٢) انظر الديوان ج ١ ص ١٩٣.

(٣) البيت في الإيضاح ص ١٩٤.

(٤) انظر الديوان ج ١، ص ٢٣١.

(٥) انظر الديوان ج ١، ص ٢٣١.