القسم الثاني في بيان ما يكون دالا على التصور والتصديق جميعا،
  وأما «أي» فإنه سؤال عن تصور حقيقة البعضية كما قال تعالى: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً}[مريم: ٧٣] والمعنى أنحن، أم أصحاب محمد ÷، وقال الله تعالى:
  {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى}[الإسراء: ١١٠] يعنى من هذه الذات المتصورة، أو هذه الصفات المتصورة.
  وأما «كم» فإنها سؤال عن تصور حقيقة العدد، قال الله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ}[النجم: ٢٦] وقال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ}[الإسراء: ١٧] وقال تعالى:
  {وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ}[الأنبياء: ١١].
  وأما كيف، فإنها سؤال عن حقيقة الحال وتصوره، قال الله تعالى: {أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ}[الفيل: ١] وقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ}[النساء: ٤١] وأما «أين» فإنه سؤال عن تصور حقيقة المكان، قال الله تعالى: {أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ}[الأنعام: ٢٢] وقال تعالى {أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ٩٢}[الشعراء: ٩٢] وأما «أيان»، فإنه سؤال عن تصور حقيقة الزمان المستقبل، قال تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها}[الأعراف: ١٨٧] وقيل إنه مختص بالأمور الهائلة العظيمة.
  وأما «متى»، فإنه مختص بتصور حقيقة الزمان، قال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ٧١}[النمل: ٧١] وقال تعالى: {وَيَقُولُونَ}(١) {مَتى هُوَ}[الإسراء: ٥١] فهذا كله حكم هذه الأسماء إذا كانت مستعملة في الطلب.
القسم الثاني في بيان ما يكون دالّا على التصور والتصديق جميعا،
  وهذا هو الهمزة، فإفادتها للتصور في مثل قولك: أإدامك زيت أم عسل؟ وأعمامتك قطن أم حرير؟ وأما كونها سؤالا عن التصديق ففي نحو قولك: أقام زيد؟ وأزيد قاعد؟ ونحو أأنت راكب؟ ففي الأول يكون الجواب بذكر حقيقة الشئ وتصور ماهيته، وفي الثاني يكون الجواب بذكر حصول الصفة أو نفيها، وهذه هي فائدة التصور والتصديق، وقد يكون سؤالا عن العلة في نحو قولك:
  أللعالم صانع، ولهذا تجيبه بذكر المؤثر أو عدمه.
(١) حرفت في الأصل إلى يسألونك.