الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

المرتبة الأولى علم اللغة،

صفحة 96 - الجزء 1

المرتبة الثالثة علم العربية

  ليحترز به عن الخطأ والغلط في المركبات ليحصل المعنى على صحته واستقامة أحواله، لأن الإعراب إنما يمكن حصوله إذا كان الكلام مركبا من ألفاظ مخصوصة، فالنظر في علم الإعراب إنما هو نظر في حصول مطلق المعنى، وكيفية اقتباسه من اللفظ المركب فلا بد من الإحاطة بصحة التركيب ليأمن الغلط في تأدية المعاني وتحصيلها ويحصل به الوقوف على أسرار لطيفة.

المرتبة الرابعة تحقق علم الفصاحة والبلاغة،

  وهو نظر خاص يأمن به الخطأ في نظم الكلام وجزالة لفظه وحسن بلاغته، فمتى أحرز لنفسه هذه العلوم الأدبية أمن من الغلط فيما يخوض فيه من علم المعاني، فهذان العلمان أعنى علم الإعراب وعلم البلاغة والفصاحة إنما يختصان بمركبات الألفاظ، وما يحصل عند التركيب من المعاني الرقيقة، والنكت النفيسة، وهما يتفاوتان فيما يؤديه كل واحد منهما من الفائدة، فعلم الإعراب يؤدى مطلق المعنى لا غير، وعلم البيان يؤدى فائدة أخرى، وهو ما يحصل من بلاغة في ذلك المعنى وحسن نظم وترتيب له، فهو كالكيفية العارضة.

  والعلمان الأولان أعنى علم اللغة وعلم التصريف، إنما يختصان بمفردات الألفاظ، وفائدتهما تصحيح مطلق اللفظ من غير التفات إلى تركيب كما لخصناه من قبل، فكل واحد من هذه العلوم الأدبية على حظ من إحراز الغرض والأمن من الخطأ والغلط كما ترى، ولكن أرسخها أصلا وأنسقها فرعا، وأنورها سراجا وأكرمها نتاجا، وأقواها قاعدة وأجزلها فائدة، علم البيان، فإنه هو المطلع على حقائق الإعجاز وهو من العلوم بمنزلة الشامة والطراز، وقد نجز غرضنا من هذه المقدمات وبتمامه يتم الكلام في الفن الأول وهو فن السوابق.