الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

صفحة 108 - الجزء 1

  توبته، وينجو من العقاب ويستحق الثواب، والثواب والعقاب يكونان على سبيل الدوام، ولا بد من الإحباط والتكفير يعني إذا كان الثواب أكثر بطل العقاب، وإذا كان العقاب أكثر بطل الثواب.

  ولما كانت أحكام الله - تعالى - في عباده مختلفة بقدر أعمالهم، وأحوالهم، وأسمائهم، وجب أن يكون في الشرع ما يوافق ذلك، فيسمى بعضهم بأسماء المدح وبعضهم بأسماء الذم، فللمطيعين الأسماء الحسنة كالأنبياء والمعصومين فهم المستحقون للثواب العظيم الذي لا يشاركهم فيه أحد من أمتهم، وهم أيضاً مختلفون في الثواب والدرجات بقدر أعمالهم، ويفارقون في أحكامهم فيجب على الأمة متابعتهم، ومخالفتهم تكون كفراً، ويجب تعظيمهم، والاستخفاف بهم يوجب الكفر، ويجب على الأمة قبول ما يأمرونهم به وينهونهم عنه، ورد أمرهم ونهيهم يكون كفراً، وتكون مولاتهم ونصرتهم واجبة، وخذلانهم يكون كفراً.

  وإذا فارقوا جميع المطيعين بأحكامهم في الدنيا والآخرة يجب أن يفارقوا أيضاً بأسمائهم:

  يقال لأحدهم الرسول والنبي والمصطفى، والرسول والنبي بمعنى واحد، ومن كان رسولاً كان نبيئاً، ومن كان نبيئاً كان رسولاً.

  والثاني: المؤمنون ولهم في الجنة ثواب ودرجات دون درجات الأنبياء $، وأحكامهم في الدنيا يجب محبتهم وتعظيمهم ومعونتهم، ولهم أيضاً أسماء حسنة يقال لأحدهم مؤمن وبر وتقي وصالح، ثم هم مختلفون في درجاتهم في الدنيا والآخرة بقدر أعمالهم:

  فالأول: أئمة الحق: يجب على جميع المكلفين طاعتهم، وترك طاعتهم فسق وبغي، وهم مقدمون عليهم في الدنيا والآخرة، وثوابهم بعد ثواب الأنبياء أعظم.

  والثاني: العلماء والزهاد، ثم باقي المؤمنين، لكل واحد اسم في الدنيا وثواب