الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم
  على قدر أعمالهم في الآخرة.
  والثالث: أسماء الذم فمن يستحق العقاب العظيم الذي لا عقاب أعظم منه هم مفارقون في الأسماء والأحكام وهم الكفار، يقال كافر ومشرك ومنافق، وأحكاهم في الدنيا القتل والسبي والجزية، ويحرم التناكح معهم ولا تؤكل ذبيحتهم وغير ذلك كثير من الأحكام، ثم لهم أسماء مختلفة وأحكام مختلفة: كاليهود، والنصارى ولهم أحكام، والمجوس لهم أيضاً أحكام، والملحد، والزنديق، وعابد الوثن، ولكل واحد منهم حكم، والمنافق هو الذي يبطن الكفر ويظهر الإيمان.
  والرابع: أسماء ذم دون ذلك وأحكام دونها كالفاسق والفاجر والظالم والمعتدي والمجرم وغير ذلك، وأحكاهم أن يبغضوا ويتبرأ منهم ولا تجري عليهم أحكام الكفار والمنافقين في الدنيا ولا أحكام المؤمنين، ولا يعاقبون في الآخرة عقاب الكفار بل عقابهم أقل من عقاب الكفار ولا يثابون وتجري عليهم بعض أحكام المؤمنين.
  ولهذا قلنا إن له منزلة بين المنزلتين وأنه فارق الفريقين في الاسم والحكم، فالإيمان اسم لجميع الطاعات والاجتناب عن جميع الكبائر، والمؤمن اسم مدح؛ ولهذا لا يطلق على الكافر هذا الاسم فيقال لليهودي مؤمن بموسى # وللنصراني مؤمن بعيسى #، ولهذا قال - تعالى - للكفار: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}(١) وأراد بذلك الإيمان اللغوي، وقال قوم من أصحابنا(٢): إن الفاسق كافر نعمة، ومرادهم ما ذكرنا(٣).
(١) سورة النساء: ٥١.
(٢) منهم الإمام الناصر للحق، لأن فعل الطاعات واجتناب المعاصي كالشكر على نعم الباري تعالى، فإذا ارتكب العبد شيئاً من هذه المعاصي كان كمن لم يشكر نعمة الله. الإيضاح في شرح المصباح ص ٢٧٤.
(٣) وهو أن كفر النعمة يقابل شكرها، وشكر نعمة الله تعالى إنما هو بإظهارها والاعتراف بها، واعتقاد تعظيمه عليها، والعزم على إظهار ذلك عند التهمة، فيجب أن يكون كفر النعمة ما =