الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الرابع عشر: في بيان مذهب أهل الحق ورجالهم

صفحة 120 - الجزء 1

  فأما المباح: فلا مدخل له في التكليف؛ لأنه ما⁣(⁣١) أمر الله به ولم ينه عنه، ولا يستحق بفعله الثواب ولا العقاب، ولا المدح ولا الذم، وهو التصرف في أمور الدنيا، ويجوز أن لا يفعل، وإن فعل فله شروط في الشرع يجب أن يفعل كما أجازه الشرع، وإن فعل بخلاف الشرع يستحق الذم والعقاب بفعله، وهو مثل طلب الدنيا والتكسب في طلبها، والتصرف فيها كالأكل والشرب والنكاح والطلاق، وأمثال ذلك ونحن نشير إلى بعضها حتى يقاس عليه جميعها.

  فالأول جمع الأموال الحلال: ولكن يجب أن يكون عين المال حلالاً والسبب مباحاً؛ حتى تتعلق به الأحكام، ويجب أن يطلب على حكم الشرع حتى يكون حلالاً، والبيع والشراء مباحاً في الشرع ولكن من أراد أن يشتغل بهما يجب أن يكون على موافقة الشرع؛ حتى يجوز بيعه وشراؤه، والتجارة ينبغي أن تكون هكذا، وكذلك الذبائح والمشاركة والمحارثة.

  وكذلك كل شيء فيه مقصود دنيوي يتعلق به أحكام الشرع، فإذا فعل ذلك يلزم عليه أحكامه ومن نظر في واحد واحد يعرف حقيقته كما قلنا إن البيع مباح إن أراد، ويجوز بيع السلم، ويجوز بيع النقد والمنفعة، وبيع الفاسد حرام، والربا حرام، وجميع العقود تكون على هذا الوجه وتفصيل ذلك يطول، فإذا طلب بسبب مباح يكون مباحاً، وإذا طلب بسبب حرام يكون حراماً، ويحصل العقاب على الأصل والسبب.

  وأما رجال الزيدية من العلماء وفقهاء التابعين ومن بعدهم: سفيان الثوري، وفقهاء الكوفة، وجماعة من فقهاء البصرة، ومكة، والمدينة، وكانوا جميعاً في بيعة


(١) أي لم يأمر به.