الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين

صفحة 124 - الجزء 1

  ويعبده، ويتبع رضاه ويتجنب معاصيه.

  وثانيها: الثواب: الذي لا يصل إليه إلا بفعل ما كلفه.

  والتكليف على ثلاثة أقسام: فعل القلب، وفعل اللسان، وفعل سائر الأعضاء.

  وثالثها: العوض: على الآلام والغموم من جهته - تعالى - كالآلام والأمراض ونقص الأموال والأنفس بالموت وغير ذلك، وكذلك ما يصل إليه من الآلام والتعب من جهة المخلوقين بغير إذن الله - تعالى - فيستحق العوض على المخلوقين، والله - تعالى - إذا علم أن الثواب والعوض لا يصحان إلا بالتكليف كلّف؛ ليكون معرضاً لجميع النعم.

  فأما كمال نعمة الله - تعالى - فلا يمكن معرفتها بالتفصيل، ويجب أن يعرف على الجملة أن جميع النعم منه - تعالى - سواء وصلت إليه من جهته - تعالى - أو من جهة غيره.

  فإن قال: هل يجب شكر النعمة وكيف يجب الشكر؟

  قيل له: يجب الشكر على سبيل الجملة على جميع نعم الله - تعالى - كما عرفنا نعمه على سبيل الجملة.

  ثم شكر النعمة على ثلاثة أوجه: إقرار بالنعم في جميع الأحوال، وتعظيم المنعم، وطاعته فيما أمر ونهى.

  ويجب الشكر أيضاً لمن أنعم عليه غير الله - تعالى -، ولكن معظم الشكر له؛ لأن أصول النعم منه، وكذلك يستحق العبادة دون غيره.

  فإن قال: كيف يكون الشكر عبادة؟

  قيل له: هو أن يعرفه حق معرفته، ويعرف صفاته وعدله، ويعرف كتابه، ويعرف رسوله ÷، ويعرف شرعه ويعمل به؛ حتى يصح الشكر