الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين

صفحة 125 - الجزء 1

  ويكون عبادة، وذلك يحصل بأن يعرف الحق فيتبعه، ويعرف الباطل فيتجنبه.

  فصل: فإن قيل: بماذا يعرف الحق من الباطل؟

  قلنا: بالدليل وهو أربعة: حجة العقل، وكتاب الله - تعالى -، وسنة النبي ÷، وإجماع الأمة.

  ١ - أما العقل: فهو أول حجة؛ لأن معرفة الله لا تحصل إلا بالعقل، وإذا لم يعرف الله - تعالى - لا يمكن معرفة الرسول، وإذا لم يعرف الرسول لا يمكن معرفة الكتاب.

  ٢ - وأما الكتاب: فهو حجة؛ لأنه كلام حكيم صادق لا يجوز عليه الكذب.

  ٣ - وسنة الرسول ÷: حجة؛ لأنا عرفنا بالمعجز أنه رسول حكيم لا يجوز أن يبعث رسولاً إلى الخلق كاذباً، فيجب أن ما صح منه يكون صدقاً وحجة.

  ٤ - وإجماع الأمة: حجة؛ لأن الله - تعالى - قال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}⁣(⁣١)، وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}⁣(⁣٢)، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الآية⁣(⁣٣)، وقال النبي ÷: «لا تجتمع أمتي على الضلالة»⁣(⁣٤)، وقال: «عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله عليهم»⁣(⁣٥)، يعني جماعة المسلمين.


(١) سورة النساء: ١١٥.

(٢) سورة النساء: ٥٩.

(٣) سورة البقرة: ١٤٣.

(٤) المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ١ ص ٢٠٠.

(٥) مسند أحمد بن حنبل ج ٣٨ ص ٢٢٠.