الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين
  ويكون عبادة، وذلك يحصل بأن يعرف الحق فيتبعه، ويعرف الباطل فيتجنبه.
  فصل: فإن قيل: بماذا يعرف الحق من الباطل؟
  قلنا: بالدليل وهو أربعة: حجة العقل، وكتاب الله - تعالى -، وسنة النبي ÷، وإجماع الأمة.
  ١ - أما العقل: فهو أول حجة؛ لأن معرفة الله لا تحصل إلا بالعقل، وإذا لم يعرف الله - تعالى - لا يمكن معرفة الرسول، وإذا لم يعرف الرسول لا يمكن معرفة الكتاب.
  ٢ - وأما الكتاب: فهو حجة؛ لأنه كلام حكيم صادق لا يجوز عليه الكذب.
  ٣ - وسنة الرسول ÷: حجة؛ لأنا عرفنا بالمعجز أنه رسول حكيم لا يجوز أن يبعث رسولاً إلى الخلق كاذباً، فيجب أن ما صح منه يكون صدقاً وحجة.
  ٤ - وإجماع الأمة: حجة؛ لأن الله - تعالى - قال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}(١)، وقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}(٢)، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الآية(٣)، وقال النبي ÷: «لا تجتمع أمتي على الضلالة»(٤)، وقال: «عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله عليهم»(٥)، يعني جماعة المسلمين.
(١) سورة النساء: ١١٥.
(٢) سورة النساء: ٥٩.
(٣) سورة البقرة: ١٤٣.
(٤) المستدرك على الصحيحين للحاكم ج ١ ص ٢٠٠.
(٥) مسند أحمد بن حنبل ج ٣٨ ص ٢٢٠.