الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين
  وقيل: العرش بناء السموات والأرض قال الله - تعالى -: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ١٣٧}(١) يعني بنيانهم، وقيل: العرش الملك، ويدل عليه قول الشاعر:
  إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم ... وأودت كما أودت إياد وحمير(٢)
  أراد بعروشهم: مملكتهم.
  فإن قال قائل: أين الله؟
  قلنا: هذه إشارة إلى المكان، والمكان لا يجوز عليه - تعالى -.
  فإن قال: إنكم تقولون إنه بكل مكان.
  قلنا: لا نقول إنه بالذات في كل مكان، لكن نقول إنه قادر على كل مكان عالم به حافظ له مدبر فيه.
  فإن قال: متى كان؟
  قلنا: هذه إشارة إلى وقت وجوده، والله - تعالى - قديم لا أول لوجوده ولا آخر، فلا يقال متى كان.
  فإن قال: كيف هو؟
  قلنا: هذا السؤال يوجب تشبيهه - تعالى - بغيره، والله - تعالى - لا مثل له ولا شبيه.
  فإن قال: كيف صفته؟
(١) سورة الأعراف: ١٣٧.
(٢) قال ابن الأعرابي في رثاء ابن جرير الطبري:
إن يندبوك فقد ثلت عروشهم ... وأصبح العلم مرثيا ومندوبا
تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٥٢ ص ٢٠٧.