الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين

صفحة 140 - الجزء 1

  وقيل: العرش بناء السموات والأرض قال الله - تعالى -: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ١٣٧}⁣(⁣١) يعني بنيانهم، وقيل: العرش الملك، ويدل عليه قول الشاعر:

  إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم ... وأودت كما أودت إياد وحمير(⁣٢)

  أراد بعروشهم: مملكتهم.

  فإن قال قائل: أين الله؟

  قلنا: هذه إشارة إلى المكان، والمكان لا يجوز عليه - تعالى -.

  فإن قال: إنكم تقولون إنه بكل مكان.

  قلنا: لا نقول إنه بالذات في كل مكان، لكن نقول إنه قادر على كل مكان عالم به حافظ له مدبر فيه.

  فإن قال: متى كان؟

  قلنا: هذه إشارة إلى وقت وجوده، والله - تعالى - قديم لا أول لوجوده ولا آخر، فلا يقال متى كان.

  فإن قال: كيف هو؟

  قلنا: هذا السؤال يوجب تشبيهه - تعالى - بغيره، والله - تعالى - لا مثل له ولا شبيه.

  فإن قال: كيف صفته؟


(١) سورة الأعراف: ١٣٧.

(٢) قال ابن الأعرابي في رثاء ابن جرير الطبري:

إن يندبوك فقد ثلت عروشهم ... وأصبح العلم مرثيا ومندوبا

تاريخ دمشق لابن عساكر ج ٥٢ ص ٢٠٧.