الباب الخامس عشر: في بيان ما يجب معرفته من أصول الدين
  حدود الدنيا دلّ على أنه لا يسقط عقاب الآخرة، وكذلك قوله - تعالى -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}(١)، وقال - تعالى -: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ ١٥ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ١٦}(٢)، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا}(٣)، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}(٤)، وغير ذلك من آيات الوعيد، ولا يجوز خلاف ما قاله - تعالى -؛ قال الله - تعالى -: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}(٥).
  باب المنزلة بين المنزلتين
  المكلفون على ثلاثة أقسامٍ:
  [الأول] منهم: من يستحق العقاب العظيم، وله أحكام، وهو الكافر، وأحكامه في الدنيا: تحريم مناكحته، وتحريم موارثته للمسلمين، وتحريم ذبائحهم، وتحريم دفنهم في مقابر المسلمين، وتوضع عليهم الجزية، وربما يقتل ويسبى أولاده وأهله، وغير ذلك من الأحكام تجري عليه.
  والثاني: المؤمن وهو من يستحق الثواب العظيم: وله في الدنيا أحكام: تجب مولاته وتعظيمه، وجميع أحكامه مخالفة لأحكام الكفار.
  والثالث: من يستحق عقاباً دون عقاب الكافر، وليس له ثواب المؤمن، بل أحبط ثوابه بالكبيرة، ليس بمؤمن ولا كافر، يقال له: فاسق وفاجر، له منزلة بين
(١) سورة النساء: ٩٣.
(٢) سورة الانفطار: ١٣ - ١٦.
(٣) سورة النساء: ١٤.
(٤) سورة الجن: ٢٣.
(٥) سورة ق: ٢٩.