باب في الصبر والشكر والدعاء
  وأما الشكر فهو ثلاثة أشياء:
  ١ - تعظيم المنعم.
  ٢ - والاعتراف بالنعم.
  ٣ - والطاعة فيما أمر ونهى.
  وجميع النعم من جهة الله - تعالى - وإن كانت تصل إليه من جهة غير الله؛ لأن أصول النعم من الله - تعالى - كما قال - تعالى -: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}(١)، وقال - تعالى -: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(٢)، وروى ثوبان عن رسول الله ÷: «ليتخذ أحدكم لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً»(٣).
  ومن عرف الله حق معرفته، وعرف صفاته، وعرف رسول الله ÷، وشريعته، وعظم أمر الله - تعالى - ونهيه، وأقر بلسانه، وأدى ما أمر الله به، وانتهى عمّا نهاه الله عنه، فقد شكر الله - تعالى - على نعمه.
  وقيل: إن الإيمان شيئان: صبر، وشكر، الشكر على نعم الله - تعالى -، والصبر على الطاعة واجتناب المعصية.
  وأما الدعاء والرجاء إلى الله - تعالى - والإياس من المخلوقين: من جملة العبادات، وقال - تعالى -: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(٤)، وقال: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ١٦}(٥)، خوفاً من العقاب، وطمعاً في الثواب، وذم الله - تعالى - المتكبرين عن الدعاء والعبادة فقال: {إِنَّ الَّذِينَ
(١) سورة النحل: ٥٣.
(٢) سورة لقمان: ٢٠.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ج ٣٨ ص ١٨٩.
(٤) سورة غافر: ٦٠.
(٥) سورة السجدة: ١٦.