الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

باب في الصبر والشكر والدعاء

صفحة 176 - الجزء 1

  وأما الشكر فهو ثلاثة أشياء:

  ١ - تعظيم المنعم.

  ٢ - والاعتراف بالنعم.

  ٣ - والطاعة فيما أمر ونهى.

  وجميع النعم من جهة الله - تعالى - وإن كانت تصل إليه من جهة غير الله؛ لأن أصول النعم من الله - تعالى - كما قال - تعالى -: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}⁣(⁣١)، وقال - تعالى -: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}⁣(⁣٢)، وروى ثوبان عن رسول الله ÷: «ليتخذ أحدكم لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً»⁣(⁣٣).

  ومن عرف الله حق معرفته، وعرف صفاته، وعرف رسول الله ÷، وشريعته، وعظم أمر الله - تعالى - ونهيه، وأقر بلسانه، وأدى ما أمر الله به، وانتهى عمّا نهاه الله عنه، فقد شكر الله - تعالى - على نعمه.

  وقيل: إن الإيمان شيئان: صبر، وشكر، الشكر على نعم الله - تعالى -، والصبر على الطاعة واجتناب المعصية.

  وأما الدعاء والرجاء إلى الله - تعالى - والإياس من المخلوقين: من جملة العبادات، وقال - تعالى -: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}⁣(⁣٤)، وقال: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ١٦}⁣(⁣٥)، خوفاً من العقاب، وطمعاً في الثواب، وذم الله - تعالى - المتكبرين عن الدعاء والعبادة فقال: {إِنَّ الَّذِينَ


(١) سورة النحل: ٥٣.

(٢) سورة لقمان: ٢٠.

(٣) مسند أحمد بن حنبل ج ٣٨ ص ١٨٩.

(٤) سورة غافر: ٦٠.

(٥) سورة السجدة: ١٦.