الباب الثالث: في سبب النيل للثواب والنجاة من العقاب
  قلنا: هذا محال ولو كان كذلك فبماذا يفرق بين إمام الحق وإمام الباطل؟
  فإن قالوا: بقول إمام آخر.
  قلنا: الكلام في الإمام الآخر كالكلام في الإمام الأول في أنه لا يعرف بقوله أيضاً فلم يبق إلا أن يعرف الله بالنظر والاستدلال.
  فإن قالوا: إذا لم نحتج إلى الرسول في معرفة الله - تعالى - فأي حاجة إليه؟
  قلنا: نحتاج إلى الرسول - صلى الله عليه - في كثير من الديانات:
  أولها: أن ينبه الناس ويحثهم على النظر في الدليل.
  والثاني: أن يبين كيفية الدليل.
  والثالث: أن يبين الشرائع.
  والرابع: أن الرسول لطف في التكليف.
  فأما معرفة الله - تعالى - ومعرفة الرسول فلا تحصل إلا بالتفكر والنظر في الدليل، ولا تحصل بالتقليد والضرورة، وهذا ظاهر لمن أنصف، وفي هذا القدر كفاية في هذا الموضع.