الرسالة في نصيحة العامة،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

[ظهور الخلاف وحله]:

صفحة 59 - الجزء 1

  القبيح، ولا يعاقب بغير ذنب، ولا يأخذ أحداً بذنب غيره كما قال - تعالى -: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣(⁣١).

  فأما في النبوات: عُرف من دينة ضرورة: أنه ÷ كان رسولاً لله - تعالى - إلى كافة الإنس والجن، وأنه خاتم النبيين وشريعته لا تُنسخ إلى آخر التكليف، وأن شريعته واجبة على جميع المكلفين من الإنس والجن، وأن القرآن كلام الله - تعالى - وهو هذه السور المعلومة والآيات المشهورة، ليس فيه كذب ولا تلبيس ولا تعمية وكله صدق وحق، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣(⁣٢).

  وأما الشرائع: فمعلوم من شريعته ÷: أن الجنة للمطيعين والنار للعاصين، وأنه أمر بالطاعة ونهى عن المعصية، وفرّق بين المطيع والعاصي بالتسمية والحكم، وأن البعث والنشور والحساب والجنة والنار حق، والثواب يكون في الجنة والعقاب يكون في جهنم، ثم في الشرائع فرائض كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج وغيرها، والحلال والحرام والمعاصي والعقود كالنكاح والبيع وغير ذلك بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، هذه الجملة معلومة من دينه ÷، وكتاب الله ناطق بها، وأجمعت الأمة عليها.

[ظهور الخلاف وحله]:

  ثم ظهر الخلاف في تفاصيل هذه الجملة بعد وفاته ÷، وأظهروا المذاهب، فنحن ننظر في المذاهب كلها فكل مذهب تفصيله


(١) سورة الإسراء: ١٥.

(٢) سورة فصلت: ٤٢.