الباب السادس: في بيان كيفية الخلاف الذي ظهر في الأمة وبيان ظهور كل فرقة
  وقالوا: لا حكم إلا لله، وليس لأحد أن يحكم، وكثرت فرقهم بعد ذلك.
  والخلاف الآخر: خلاف الغُلاة(١) والمفوضة(٢) ظهر في أيام أمير المؤمنين #، وهو # أنكر عليهم وزجرهم، فلم يزدجروا فقاتلهم وأحرقهم، وبقي ذلك الخلاف وصاروا فرقاً.
  والخلاف الآخر: ظهر في أيام الحسن بن علي #؛ لأنه اضطر إلى الصلح مع معاوية، وجماعة المسلمين قالوا بإمامة الحسن # قبل الصلح وبعد الصلح، وفرقة قالوا بإمامة معاوية وأنكروا إمامة الحسن #، وفضل الحسن والأخبار التي رويت في فضله عن النبي مشهورة مثل قوله ÷: «إن ابني هذا سيد»(٣)، ومثل قوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»، وقوله: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»(٤).
  وبقيت أخبار كثيرة في فضلهما مع ما أخفوا وكتموا منها كثيراً، ثم يقابل مثله بباغٍ لا دين له مع ما قال النبي ÷: «معاوية في تابوت من نار»(٥)، وقال النبي ÷: «إذا رأيتم معاوية
(١) الغلاة: فرقة من المتظاهرين بالإسلام نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة. تصحيح الاعتقاد ص ١٣١.
(٢) المفوضة: فرقة من الغلاة زعموا أن الله فوض الخلق والرزق إلى الأئمة. تصحيح الاعتقاد ص ١٣٤.
(٣) صحيح البخاري ج ٣ ص ١٨٦، سنن أبي داود ج ٤ ص ١٠٨، سنن الترمذي ج ٥ ص ٦٥٨، السنن الكبرى للنسائي ج ٢ ص ٢٨١، المعجم الكبير للطبراني ج ٣ ص ٣٣، مسند أحمد بن حنبل ج ٣٤ ص ٣٣.
(٤) سنن ابن ماجه ج ١ ص ٤٤، مسند أحمد بن حنبل ج ١٧ ص ٣١، صحيح ابن حبان ج ١٥ ص ٤١٣، المعجم الكبير للطبراني ج ٣ ص ٣٨، المستدرك على الصحيحين ج ٣ ص ١٨٢، ترتيب الأمالي الخميسية ج ١ ص ٥٨، سنن الترمذي ج ٥ ص ٦٥٦، السنن الكبرى للنسائي ج ٧ ص ٤٦٠.
(٥) تاريخ الطبري ج ١٠ ص ٥٨، لسان الميزان ج ١ ص ١٩٠، شرح نهج البلاغة ج ١٥ ص ١٧٦.