الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

التنبيه الخامس في اكتساب وجه التشبيه

صفحة 168 - الجزء 1

  تعالى: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٣] وقوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً ١٩ وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً}⁣[النبأ: ١٩ - ٢٠] وقوله تعالى: {وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}⁣[الأنعام: ٢٥] وقوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٥] وقوله تعالى: {وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا}⁣[يس: ٩] ومن هذا النوع آيات التشبيه كلها كقوله تعالى: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ}⁣[المائدة: ٦٤] وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنا}⁣[القمر: ١٤] وقوله تعالى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ}⁣[الرحمن: ٢٧] وقوله تعالى: {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧] وما كان ذلك دالا بظاهره على الجهة كقوله تعالى: {وَجاءَ رَبُّكَ}⁣[الفجر: ٢٢] وقوله تعالى: {اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ}⁣[الأعراف: ٥٤] وقوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ}⁣[الأنعام: ٣] ولهذا فإن المشبهة لما ضاقت حواصلهم عن إساغة هذه الأسرار، وأغشى أبصارهم نور هذه اللطائف، وقصرت أعناقهم عن التطلع إلى محاسنها، وقعوا في متاهات عظيمة، وارتكبوا في محارات وخيمة، وأوقعوا نفوسهم في مهاو ومهالك، لأجل اعتقادهم لظواهرها، فمن ثم انسلخوا عن الدين وهم لا يشعرون، فنعوذ بالله من الخذلان، وجهل يؤدى إلى خسران، ولو لم يكن لهذا العلم من الشرف إلا أن كل من عرف حقائقه واستولى على معانيه، وأحرز دقائقه، فإنه يسلم لا محالة من اقتحام ورط التشبيه، والتضمخ برذائله، لكان هذا من أعظم المناقب، وأعلى المراتب، وأسنى الرغائب، مع ما حاز من شريف الخصال، ورفيع القدر والمنال، ولهذا فإنك ترى الشيخ العالم النحرير محمود بن عمر الزمخشري، ما فاق في تفسيره على كل تفسير إلا لتقرير أساسه عليه واستناده فيما أتى من الحقائق والغوامض إليه.

  النوع الثاني من الأخبار النبوية

  فأما التشبيهات المفردة فهي كثيرة كقوله ÷ كأن الموت فيها على غير ما كتب، وكأن الحق فيها على غير ما وجب، وكأن الذي تشيع من الأموات سفر، عما قليل إلينا راجعون، وقوله. كأنا مخلدون بعدهم، وقوله ÷: العلم الذي لا ينفق منه صاحبه كالكنز الذي لا ينفق منه وقوله #. مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى، وقوله ÷: «أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم