الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

الباب الثاني في ذكر الدلائل الإفرادية وبيان حقائقها

صفحة 62 - الجزء 2

  وإزالة المحنة العظيمة، والغبطة والسرور بامتثال أمر الله تعالى والزلفة عنده والفوز برضوان الله

  وثالثها [حذف جواب «أما»]

  ومثاله قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ}⁣[آل عمران: ١٠٦] لأن التقدير فيه فيقال لهم: أكفرتم بعد إيمانكم، فحذف القول وأقام المقول مقامه.

  ورابعها [جواب «إذا»]

  ومثاله قوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ}⁣[يس: ٤٥] إلى قوله معرضين، والتقدير فيه وإذا قيل لهم اتقوا أعرضوا وأصروا على تكذيبهم، وقد دل عليه قوله تعالى: {إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ٤٦}⁣[يس: ٤٦].

  وخامسها [حذف جواب لو]

  وهو وارد على الكثرة، وهو من محاسن الإيجاز ومواقعه البديعة، كقولك: لو زرتنى، لو أكرمتني، والتقدير لفعلت وصنعت، قال الله تعالى:

  {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ}⁣[سبأ: ٥١] والتقدير فيه لرأيت أمرا بديعا، أو حالة منكرة، وقوله: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ٣٩}⁣[الأنبياء: ٣٩] إلى قوله: {يُنْصَرُونَ ٣٩} والتقدير فيه لو يعملون هذه الأمور لما كانوا على تلك الصفات من الكفر والاستهزاء والصدود والإنكار وهكذا قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى}⁣[الرعد: ٣١] والتقدير فيه لكان هذا القرآن، وهو كثير الورود في القرآن، وحيث ساغ حذفه فإنه إنما يسوغ إذا كان هناك دلالة عليه، فأما من غير دلالة فلا يجوز بحال.

  وسادسها [حذف جواب القسم]،

  ومثاله قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ ١ وَلَيالٍ عَشْرٍ ٢ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ٣ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ ٤} فجوابه هاهنا يحتمل أن يكون موجودا وهو قوله: {هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ٥}⁣[الفجر: ٥] لأنه قد تمت به الفائدة، ويحتمل أن يكون محذوفا تقديره لتعذبنّ، ويدل عليه قوله تعالى: {أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ٦ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ٧}⁣[الفجر: ٦ - ٧] ونحوه قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحاها ١}⁣[الشمس: ١] فيحتمل أن يكون جوابه مذكورا، وهو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ٩}⁣[الشمس: ٩] وقد ظهرت به الفائدة، ويحتمل أن يكون محذوفا أيضا تقديره ليعذّبن، بدليل قوله تعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ١٤}⁣[الشمس: ١٤] والحذف فيه كثير لقيام القرينة على حذفه، وتختلف أحوال القرائن بحسب ما تدل عليه الدلالة.